للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(لينتس Linz) إلى تريست حيث مات في سنة ١٨٢٠ عن عمر يناهز الواحد والستين عاما مارس فيها كثيرا جدا من الشرور والسلوك الطائش.

وكان تاليران يضارعه مكرا ودهاء ويفوقه تحملا وصمودا. لقد وصفه لويس ١٨ بسطور من كورنيل Corneille: " لقد فعل معي كثيرا من الأمور الطيبة تمنعني من ذكره بشر، وألحق بي كثيرا من الأذى مما يمنعني من ذكره بخير"،.

ويبدو أن تاليران هو الذي قال (في سنة ١٧٩٦) عن البوربون:

"إنهم لم يتعلموا شيئا ولم ينسوا شيئا".

لكن هذا القول لا يكاد ينطبق على لويس الثامن عشر الذي تعلّم كيف يتعامل مع المجالس المنتخبة وكيف يُرحِّب بجنرالات نابليون وكيف يُبقي على كثير من التشريعات النابليونيّة. وكان الوزراء الملكيون يكرهون تاليران ليس لأنه كان شريكا في المؤامرة على قتل الملك (لويس ١٦) فحسب وإنما أيضا باعتباره خائنا لطبقته، وأذعن لويس ١٨ لهم فطرده (٢٤ سبتمبر ١٨١٥)، ولكن تاليَران عاد إلى منصبه، وعاش بعد لويس ١٨ بل وعاش بعد تنازل شارل العاشر (١٨٣٠) وتم تعيينه سفيرا لفرنسا لدى بريطانيا العظمى (١٨٣٠ - ١٨٣٤) وهو في السادسة والسبعين من عمره. وعندما انتقد مركِز لوندوندري Londonderry السفيرَ تاليران في مجلس اللوردات دافع عنه ولينجتون الذي كان قد تعامل مع السيد تاليران في مواقف كثيرة فوجده على حد تعبير دوق ولينجتون أكثر من عرف من الرجال حماسا ومهارة في حماية مصالح بلاده (فرنسا) وأكثر من عرف من الرجال استقامة وشرفا في تعامله مع الدول الأخرى. وعندما قرأ تاليران هذه الكلمات كاد يبكي، فلا شيء أفضل له من هذه الكلمات:

"إنني ممتن شديد الامتنان لدوق ولينجتون فهو رجل الدولة الوحيد في العالم الذي تحدث عني حديثا طيبا أَمَا وقد عاون في تنظيم التحالف الرباعي في سنة ١٨٣٤ ومات في سنة ١٨٣٨ عن عمر يناهز الرابعة والثمانين، وفاق الجميع حدة ذهن ودهاء، فإنه كاد يخدع الموتَ نفسه".

وفي ٢٠ نوفمبر ١٨١٥ وقّع لويس الثامن عشر مع الحلفاء معاهدة باريس الثانية التي صاغت العقوبات التي كان على فرنسا أن تتحمّلها لسماحها لنابليون بمواصلة الحكم (بعد عودته من إلبا) لقد كان على فرنسا أن تتنازل عن السار Saar وسافوي وأربع مدن حدودية