للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حظي في وقت لاحق بتقدير نابليون الشديد. وغامر بعد ١٨ بروميير Brumiere بالعودة إلى فرنسا، وانتهى إلى أن نابليون هو أحسن دواء للثورة وراح ينتهز كل الفرص للعمل في خدمته فترقى ليصبح عضوا في مجلس الدولة، ولم تطفئ معركة واترلو من حرارة إعجابه بنابليون، فذهب إلى مالميزو Malmaison لمساعدته وتبعه إلى روشفور وإلى إنجلترا وإلى سانت هيلينا

لقد كان هو الأقرب إلى الإمبراطور من بين كل رفاقه، فكان هو الأكثر حماسا في تسجيل ما يمليه، وحظي بتقديره الكبير خلال كل العواصف (المشكلات) التي مرت بهم في المنفى. لقد دوّن كل شيء عن نابليون خلا أخطاءه، فلم يكن يعتقد - مثله في ذلك مثل كرومويل Cromwell - في الأخطاء الخالدة (المقصود التي لا تُمحى. وكان تقريره عن ذكريات نابليون وملاحظاته يفيد أنها ليست دقيقة دقة كاملة:

"كان الإمبراطور يُملي بسرعة، وعادة ما كانت سرعته في أثناء الإملاء تفوق سرعته في أثناء المناقشات العادية، لذا فقد كنت مضطرا لابتداع نوع من الكتابة الهيروغليفية (المقصود المختصرة أو المختزلة) ثم أعود فأمليها بدوري على ابني أو كنت أجلس إلى جوار ابني وهو يعيد كتابة ما أملاه الإمبراطور … وكنت دائما أقرأ على الإمبراطور ما كان قد أملاه في اليوم السابق فيقوم بإجراء تصحيحات ثم يواصل الإملاء".

وعلى أية حال فإن اللغة التي عبّر بها لا كاس عن آرائه الخاصة تشبه إلى حد كبير اللغة التي عزاها (نسبها) إلى نابليون حتى إننا لا نستطيع أن نقبل تقريره باعتباره بالنزاهة نفسها التي ظهرت في كتابات جورجو Gourgaud حيث كان يدوّن مباشرة يومياته المفعمة بالحيوية.

ورغبة من لا كاس في إثارة أوربا بسبب الصعوبات التي كان نابليون يواجهها في منفاه كتب عن هذه المشاق والصعوبات على قطعة من الحرير ليرسلها إلى لوسيا بونابرت Lucien عَهِد بها إلى خادم كان على وشك العودة إلى أوربا، إلا أن سلطات الجزيرة فتَّشت الخادم واكتشفت الرسالة، فأمر السير هدسون لو بالقبض على لا كاس ومصادرة أوراقه (بما في ذلك مناقشاته مع نابليون) وأمر بترحيله هو وابنه إلى كيب تاون (مدينة الرأس) في ١٥ نوفمبر ١٨١٦ ومن هذا المكان القصي (كيب تون) بدأ الكونت أعواما من الترحال إلى إنجلترا وبلجيكا وألمانيا، وعادة ما كان خاضعا لمراقبة مشددة في أثناء تجواله هذا.

وفي