شامخة، ومع ذلك فالدُّور التي كانت تبنيها تلك البلاد هي "أجمل ما خططه العالم من دُور إذا نظرنا إليها من وجهة نظر جمالية"(٩٠)، ولم ينافسها في العصور الحديثة بلد آخر في رشاقة تحفها الصغيرة وجمالها- كثياب النساء والمراوح والشمسيات، والفناجين ولعب الأطفال، والمدلَّيات والعُقَد الحريرية المزخرفة، وروعة الطلاء "باللاكيه" والنحت الرائع في الخشب؛ ولم يبلغ أي شعب حديث ما بلغه الشعب الياباني من ضبط الزخارف ورقتها، أو من شيوع الذوق المرهف الأصيل؛ نعم إن الخزف (البورسلان) الياباني لا ينزل في التقدير- حتى في نظر اليابانيين أنفسهم- منزلة الخزف الذي كان يصنع في "صنج" و "منج"(في الصين)، لكنه إن كانت الصين وحدها قد بزتها في تلك الصناعة، فإن عمل الخزاف الياباني ما يزال يعلو على مثيله من نتاج الأوربيين المحدثين؛ ولئن كان التصوير الياباني تعوزه قوة التصوير الصيني وعمقه، ثم لئن كانت الرسوم الحفرية اليابانية قد تسوء حتى تبلغ أن تكون مجرد رسوم للإعلان، وهي في أجود حالاتها لا تزيد على كونها إثباتاً سريعاً لتوافه كانت قمينة أن تزول وشيكاً، فأضيف إليها شيء مما يميز الفن الياباني من تمام الرشاقة وكمال التخطيط؛ فإن التصوير الياباني- لا التصوير الصيني- وإن الرسوم الحفرية اليابانية لا ألوانها المائية، هي التي أحدثت الثورة في فن التصوير إبان القرن التاسع عشر، وهي التي كانت حافزاً لإجراء مئات التجارب الفنية البديعة الطريفة؛ ولما أعيد التبادل التجاري بعد سنة ١٨٦٠ بين أوربا واليابان كانت تلك الرسوم الحفرية التي تدفقت إلى أوربا في ذيل التجارة، هي التي أثرت أعمق الأثر في "مونيه" و "مانيه" و "ديجا" و "وِسْلَرْ"، فهؤلاء قد أقلعوا إلى الأبد عن "الصلصة البنية اللون" التي لازمت التصوير الأوربي كله تقريباً من "ليوناردو" إلى "مِلِتْ"، وملئوا رقعات التصوير في أوربا بصور الشمس، واستحثوا المصور الفنان أن يكون أقرب إلى الشاعر منه إلى الفوتوغرافي؛ يقول "وِسْلرْ" في اعتداد جعل