للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تمض خمسة عشر عاماً، حتى تقدم المتعلمون الأذكياء فيما تعلموه تقدماً أتاح لليابان أن تدفع للأخصائيين الأجانب آخر أجورهم وأن ترسلهم إلى أوطانهم بكل إجلال؛ واقتفت اليابان أثر ألمانيا، فاستولت الحكومة على البريد والسكك الحديدية والتلغراف والتليفون؛ لكنها في الوقت نفسه عرضت قروضاً سخية لمن يريد أن ينهض لنفسه بصناعة ما، وجعلت تحمي تلك الصناعات الخاصة بالضرائب الجمركية العالية، من منافسة المصانع الأجنبية في سائر الأقطار؛ واستعانت البلاد بالتعويض المالي الذي أخذته من الصين بعد حرب سنة ١٨٩٤ على تمويل حركة التصنيع في اليابان وتشجيع الصناعات، على نحو ما استعانت ألمانيا بالتعويض الفرنسي سنة ١٨٧١ على استحثاث حركة التصنيع في أرضها؛ وشبهت اليابان ألمانيا قبل ذلك بجيل واحد، في قدرتها على البدء بآلات حديثة مقرونة بطاعة من العمال كالتي سادت في عصور الإقطاع، على حين كانت الدول الأخرى المنافسة لهما، تعاني من آلات قديمة وعمال ثائرين؛ وكانت مصادر القوة في اليابان رخيصة والأجور قليلة، كما كان العمال يخضعون لرؤسائهم خضوع الولاء؛ لهذا تأخرت عندهم قوانين تنظيم المصانع، وفرضت على العمال فرضاً لا عنف فيه (١٢)؛ وفي سنة ١٩٣٣ كنت ترى مغازل "أوساكا" الجديدة لا تحتاج إلى أكثر من فتاة واحدة لكل خمس وعشرين آلة، بينما كانت مغازل لانكشير القديمة تتطلب رجلاً لكل ست آلات (١٣).

وتضاعف عدد المصانع ما بين ١٩٨٠ و ١٩١٨؛ ثم تضاعف مرة أخرى بين ١٩١٨ و ١٩٢٤، حتى إذا ما كانت ١٩٣١ زادت المصانع نصف عددها (١٤) بينما كانت الصناعة في الغرب عندئذ تخوض أغوار أزمة عميقة؛ وفي سنة ١٩٣٣ كانت لليابان الصدارة الأولى في تصدير المنسوجات، بحيث أرسلت بليوني ياردة من الخمسة بلايين ونصف البليون من ياردات المنسوجات القطنية التي استهلكها العالم في ذلك العام (١٥)؛ وفي سنة ١٩٢١