للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على استراليا والهند، ومضطربة بسبب منافسة اليابان لها، لا في الصين وحدها بل في كل أرجاء ملكها في الشرق؛ ومع ذلك ففرنسا آثرت أن تعين اليابان معونة مالية على منُاصبتها العدوان، وبريطانيا الحذرة رأت أن تنتظر في صبر لم يسبق له مثيل، راجية أن يفتك كل من منافستيها العظيمتين في التجارة الآسيوية بالأخرى، فتتركا العالم لإنجلترا وحدها من جديد؛ وأخذ تضارب المصالح يشتد حدة يوماً بعد يوم، ويدنو رويداً رويداً من الصراع المكشوف؛ وأصرّت اليابان على أن تحتفظ الشركات الأجنبية التي تبيع لها البترول، بمخزون من البترول على أرض يابانية يكفي حاجة الجزر نصف عام في حالة الطوارئ؛ وأغلقت مانشوكو أبوابها في وجه البترول الياباني، واستطاعت اليابان- رغم احتجاجات الأمريكيين ورغم معارضة رئيس جمهورية أورجواي- استطاعت أن تأخذ تصريحاً من الهيئة التشريعية في أورجواي، بأن تقيم على نهر بلات ميناء حرة، تدخلها السلع اليابانية بغير ضريبة جمركية، أو تصنع فيها البضائع اليابانية؛ ومن هذا المركز الحربي، ستنفذ اليابان إلى قلب أمريكا اللاتينية من حيث التجارة والمال، ستنفذ بخطوات لم يسبق لها مثيل في السرعة منذ عَمِل الغزو الألماني السريع لأمريكا الجنوبية على نشوب الحرب العظمى، وعلى اشتراك أمريكا فيها؛ ولئن أخذت ذكريات تلك الحرب في الزوال، فإن العدة لتتخذ من جديد لحرب جديدة (١).

أليس لأمريكا بد من محاربة اليابان؟ إن نظامنا الاقتصادي يسخو في العطاء لأصحاب رؤوس الأموال، فيعطيهم قسطاً كبيراً من الثروة التي يتعاون على خَلْقها العلم والإدارة والأيدي العاملة، فلا يبقى إلا قدراً أقل مما ينبغي أن يبقيه لسواد المنتجين، حتى يتاح لهم أن يشتروا السلع التي أنتجوها؛ وبهذا يفيض قدرٌ زائد من السلع، يصرخ مطالباً بغزو الأسواق الخارجية،


(١) وقعت تلك الحرب الجديدة فعلاً سنة ١٩٣٩. (المعرب).