للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمثلة كثيرة في عصرنا بحيث نستخلص منها الحكمة السديدة، وهي أنه خير لنا أن نعاون على الفتك بمنافس تعرض فعلاً لهجمة من عدوه، من أن ننتظر حتى يكسب نصراً يزيد في قوته زيادة خطرة؛ أما إذا أردنا ألا ننساق في هذا الطريق، فكل ما نتطلبه أن نتذكر أنه مهما بلغت شدة الحاجة باليابان إلى أسواق الشرق؛ فهذه الأسواق أبعد جداً من أن تكون شرطاً لازماً لازدهار تجارتنا؛ وأننا إذا كسبنا تلك الأسواق، إما بحرب باهظة النفقات في بحار بعيدة، أو بتنافس يدعونا إلى الهبوط بمستوى حياة شعبنا، فذلك كسب أجوف؛ وقد يكون نعمة لبلادنا أن يضطر تجارنا إلى البحث عن أسواق لسلعهم داخل حدود بلادنا؛ وعندئذ فقد يتبين لنا أن سعادتنا لا تعتمد على غزونا لأسواق وراء البحار، بل إن سعادتنا في نشر ثمرات الاختراع والصناعة ومنتجاتها نشراً يتيح لأهل بلادنا- وإنهم لكثيرون- أن يكونوا سوقاً تكفي لبيع مصنوعاتنا- حتى إذا بلغت المصنوعات أعلى درجات الإنتاج؛ لأن مساحة قدرها ٠٠٠ ر ٧٣٨ ر ٣ ميلاً مربعاً تكفي لاستنفاد ذلك الإنتاج.

أما وقد علَّمنا اليابان أساليب الصناعة والحرب، فلا بد لنا أن نصبر على القضاء الذي جعلها مؤقتاً سيدة الشرق اقتصادياً وحربياً؛ فليس بنا حاجة إلى الحقد على "أبناء الشمس" إذا ما حانت ساعة قوتهم ومجدهم، ولا إلى حسدهم على إمبراطوريتهم المتهافتة أو ثروتهم التي قد تتعرض للزوال؛ إن العالم فيه من سعة الرحب ما يكفينا ويكفيهم معاً؛ ولو شئنا، لوجدنا في البحار آفاقاً لا تزال بعيدة بيننا وبينهم؛ بحيث تهيئ لنا السلام (١).


(١) لم يتحقق أمل الكاتب وقامت الحرب بين الدولتين على ما هو معروف. (المعرب)