لا تزال كتاباً مغلقاً محتفظاً بجميع أسراره. فقد بنى الكريتيون في فستوس حوالي عام ٢٠٠٠ ق. م عشرة صفوف من المقاعد الحجرية تمتد نحو ثمانين قدماً بجوار جدار يطل على فناء ترفرف عليه أعلام، كما أقاموا في كنوسس ثمانية عشر صفاً من المقاعد الحجرية أيضاً طولها ثلاث وثلاثون قدماً. وهذه الدور التي تتسع لعدد من النظارة يتراوح بين أربعمائة وخمسمائة من أقدم ما تعرفه دور التمثيل- فهي أقدم من ملهى ديو نيسيوس بألف وخمسمائة عام. ولسنا نعرف ماذا كان يحدث على مسارح هذه الدور، فالمظلمات تصور النظارة يشاهدون منظراً ما، ولكننا لا نعرف ماهية هذا المنظر الذي يشاهدونه، وأكبر الظن أنه خليط من الموسيقى والرقص. وقد احتفظت لنا صورة وجدت في كنوسس بطائفة من سيدات الطبقة الراقية، ومن حولهن جماعة من الرجال المعجبين بهن يشاهدون رقصاً تقوم به بعض الفتيات المرحات، ذوات "النُّقَب" في أيكة من شجر الزيتون، وتمثل صورة أخرى راقصة تنوس غدائرها وتمد ذراعيها؛ وهناك صور تمثل رقصات ريفية شعبية؛ أو رقصات الكهنة والكاهنات والمتعبدين القوية أمام ضم أو شجرة مقدسة.
ويصف هومر المرقص الذي أنشأه ديدلوس يوماً من الأيام في كنوسس العريضة لأدريادني ذات الشعر الجميل، وفيه يرقص ثلاثة شبان وثلاث عذارى فاتنات مغريات يتماسكون بالأيدي .... على صوت القيثارة وتقاسيم شاعر من رجال الدين". وترى القيثارة ذات السبعة الأوتار التي يعزو اليونان اختراعها إلى عبقرية تريندر مصورة على تابوت في حاجياتريادا قبل أن يولد تربندر Terpander، بألف عام. وهناك أيضاً الناي المزمار ذو الأنبوبتين والثمانية خروق والأربع عشرة نغمة بالصورة التي نجدها عند اليونان الأقدمين. ونرى على إحدى الحلي نقشاً يمثل امرأة تنفخ في بوق مصنوع من صدفة ضخمة كما نرى على زهرية جلاجل تضبط الوقت لأقدام أم الراقصات.