الإبجية البسيطة، أما في قبرص فإن رواسب النحاس الغنية التي استق منها اسم الجزيرة قد أفاءت عليها قدراً من الثراء دام حتى عصر البرنز (٣٤٠٠ - ١٢٠٠) ولكن مصنوعاتها (١) ظلت مع ذلك خشنة غير مهذبة لا تمتاز في شيء إلى ما قبل السيطرة الكريتية. وكان أهلها الذين يغلب عليهم العنصر الآسيوي يستخدمون كتابة مقطعية شديدة الصلة بالكتابة المينوية، ويعبدون إلهات تنحدر من عشتار السامية، وهي التي قدر لها أن تصبح أفروديتي إلهة اليونان (٣٢). ثم نمت صناعة المعادن في الجزيرة نمواً سريعاً بعد عام ١٦٠٠؛ وأخذت المناجم التي تمتلكها الحكومة الملكية تصدر النحاس إلى مصر، وكريت، وبلاد اليونان؛ وكان المصنع المقام في إنكومي Enkomi يصنع الخناجر الذائعة الصيت، وكان الفخرانيون يبيعون آنيتهم المستديرة في جميع البلاد الممتدة من مصر إلى طروادة. واستخرجت الأخشاب من الغابات، وأخذ سرو قبرص ينافس أرز لبنان. وفي القرن الثالث عشر أنشأ المستعمرون الميسينيون المستعمرات التي أضحت فيما بعد مدناً يونانية وهي Pathos باثوس مدينة أفروديتي المقدسة، وسيتيوم Citium، مسقط رأس الفيلسوف زينون، وسلاميس القبرصية التي حط فيها صولون رحاله في أثناء تجواله ليُحل القانون محل الفوضى.
وعبرت التجارة الميسينية كما عبر النفوذ الميسيني البحر من قبرص إلى سوريا وكاريا، ومنهما انتقلا عن طريق الشواطئ والجزائر الآسيوية حتى وصلا إلى طروادة. وهناك كشف شليمان ودوربفلد على تل تفصله عن البحر ثلاثة أميال عن تسع مدن كل واحدة فوق الأخرى كأنما كان لطروادة تسع حيوات:
١ - فكان في الطبقة الدنيا بقايا قرية من العصر الحجري الحديث يصل تاريخها إلى عام ٣٠٠٠ ق. م، وقد وجدت فيها جدران من الحجارة غير
(١) ثابر على جمعها القائد دي سنسولا di Cesonla، وهي الآن محفوظة في المتحف الفني بنيويورك.