ولكنها أسلس منها وأرق وأجمل، وتقول الأديسة إن أديسيوس تحطمت سفينته على ساحل جزيرة أجيجيا Ogygia، وهي جزيرة مسحورة شبيهة بجزيرة تهيتي Tahiti، تحكمها ملكة إلهة تدعى كلبسو Calypso، شغفها حباً فاستبقته عندها ثماني سنين يحن فيها أشد الحنين إلى زوجته بلني وابنه تلمكس اللذين ينتظرانه في أتكا على أحر من الجمر.
وتقنع أثينة زيوس بأن يأمر كلبسو بإطلاق سراح أديسيوس، وتطير الإلهة إلى تلمكس وتستمع إلى قصته الساذجة وتعطف عليه، فتعرف كيف أقبل أمراء أتكا والجزائر الخاضعة لها على بنلبي يتوددون لها ويسعون إلى زواجها ليظفروا بعد ذلك الزواج بعرش أتكا، وكيف يعيشون في قصف ومرح في قصر أديسيوس ويستمتعون بخيراته (٢) ويأمر تلمكس الخُطَّاب بأن يعودوا إلى ديارهم، ولكنهم يسخرون من شبابه، فيخرج سراً على ظهر سفينة يبحث عن أبيه؛ وتحزن بنلبي لبعد زوجها وابنها، وتستمهل خاطبيها بأن تعدهم أنها ستتزوج واحداً منهم بعد أن تتم نسيج غزلها، ولكنها تنقض منه في الليل ما تعمله بالنهار (٣) ويزور تلمكس نسطور في بيلس و (٤) منلوس في إسبارطة ولكن أحداً منهما لا يستطيع أن يدله على مكان أبيه. ويرسم الشاعر صورة جذابة لهلن وقد استقرت في بيتها خاضعة، ولكنها لا تزال تستمتع بجمالها الرباني، وقد غفر لها زوجها خطاياها من زمن بعيد، وتقول إنها حين سقطت طروادة كانت قد سئمت المقام في المدينة (١).
(١) وتقول الرواية اليونانية إن مواطنيها قد اتخذوها بعد موتها إلهة لهم وعبدوها، وكان من العقائد الشائعة في بلاد اليونان أن الآلهة تعاقب من يستطيلون في عرضها. بل إنهم قد أشاروا إلى أن هومر نفسه إنما أصيب بالعمي لأنه تغنى بالفرية القائلة بأن هلن فرت إلى طروادة بدل أن يقول إنها اختطفت وحملت إلى مصر رغم إرادتها.