الفناء، حضارة فقدت رقتها في أرض القارة بفعل الحرب والنهب، وأصبحت حضارة منحلة مخنثة في كريت لما ركنت إليه عبقرية أهلها من ترف. وقد اجتاح امتزاج السلالات والأساليب قروناً عدة حتى استقر بعض الاستقرار، ولكنه أعان على خلق ما في التفكير اليوناني والحضارة اليونانية من تنوع، ومرونة، ودقة منقطعة النظير. وليس من حقنا أن ننظر إلى الثقافة اليونانية على أنها وميض لاح فجأة، وبطريقة غير عادية، في بحر مظلم من الهمجية، بل إن علينا أن ننظر إليها على أنها عملية بطيئة كدرة أدت إلى خلق شعب غني غنىً يكاد أن يكون مفرطاً في تنوع مائه وفي ذكرياته، تحيط به وتتحداه، وتعلمه، جموع همجية، وإمبراطوريات قوية وحضارات قديمة.