(النوردي) " والعناصر الآسيوية امتزاجا أدى إلى كثير من القلق والاضطراب.
كذلك لم تمح الحضارة الميسينية من الوجود. فقد بقيت الحياة كامنة طوال قرون العنف والفوضى في بعض عناصر التراث الإيجي-كطرائق الحكم والنظام الإجتماعي، وعناصر الصناعات اليدوية والفنية، وأساليب التجارة وطرقها، وأشكال العبادة وأدواتها (٨٤)، والمهارة في صنع الخزف والنقش، وفن طلاء المظلمات، وأساليب الزينة وطرز العمارة. ويعتقد اليونان أن النظم الكريتية قد انتقلت إلى إسبارطة (٨٥)، وقد ظلت الجمعية الآخية عنصراً أساسياً في بلاد اليونان الديمقراطية. وأكبر الظن أن تصميم الهياكل الدورية قد أخذ عن الميسينيين (٨٦)، بعد أن خلعت عليه الروح الدورية حرية وتناسقاً وقوة. وانتعشت التقاليد الفنية انتعاشاً بطيئاً، فرفعت كورنثة وطيبة وسكيون Sicyon وأرجوس إلى نهضة فنية مبكرة شبيهة بالنهضة الأوربية التي أعقبت العصور الوسطى، وجعلت الفن والغناء يبتسمان في إسبارطة العنيدة نفسها، حيناً من الدهر، وظلت هذه التقاليد تبعث الحياة في الشعر الغنائي طوال هذا العصر المظلم الذي لا تاريخ له، وحملها معهم البلاسجيون والآخيون، والأيونيون، والميناويون المنفيون في هجرتهم إلى جزائر بحر إيجة وإلى آسية هرباً من الغزاة الفاتحين، وأعانت المدن التي أقامها المستعمرون على أن تفوق أمهاتها في الآداب والفنون. ولما جاء المنفيون إلى الجزائر وإلى أيونيا وجدوا بقايا الحضارة الإيجية فاستولوا عليها واستعانوا بها. فقد احتفظ عصر البرونز بشيء من المهارة والنضارة القديمتين في المدن القديمة بهذه الجزائر، لأنها كانت أقل اضطراباً من مدن القارة الأوربية، وهناك في هذه الأرض الآسيوية بدأت بعدئذ يقظة اليونان الجديدة.
وبعث هذا الاتصال بين خمس ثقافات- الكريتية والميسينية والآخية، والدورية والشرقية- الشباب من جديد في حضارة بدا يدب فيها دبيب