كما فعل كليسثنيز السكيوني وكليسثنيز الأثيني، نظام المجتمع اللكوني القائم على صلة القرابة، واستبدل به أقساماً جغرافية، وبهذا تحطم سلطان الأسر القديمة، وأنشئ نظام أرستقراطي واسع النطاق. وأراد ليكرجوس أن يمنع هذه الألجركية مالكة الأرض من أن تقضي عليها طبقات التجار ونحوها، التي كانت تسير سيراً حثيثاً نحو مركز الزعامة في أرجوس، وسكيون، وكورنثة، ومجارا، وأثينة، فحرّم على المواطنين أن يشتغلوا بالصناعة، أو التجارة، ومنع استيراد الذهب والفضة، وأمر ألا يستخدم في سك العملة غير الذهب وحده. ذلك بأنه قد وطد العزم على أن يتفرغ الإسبارطيون (المواطنون ملاك الأرض) إلى شؤون الحكم والحرب.
وكان مما يفخر به المحافظون الأقدمون (٤٠) أن دستور ليكرجوس قد دام طويلاً لأن أنظمة الحكم الثلاثة: الملكية، والأرستقراطية، والدمقراطية قد اجتمعت كلها فيه، واجتمعت بنسب تمنع طغيان أي عنصر منها على العنصرين الباقيين. من ذلك أن الملكية الإسبارطية كانت في الواقع ملكية ثنائية، فقد كان فيها ملكان يحكمان معاً وينحدران من الهرقليين الغزاة. ولعل هذا النظام الغريب كان تراضياً بين أسرتين متنافستين لأنهما تنتميان إلى أصل واحد، أو لعله كان وسيلة للاستفادة مما للملكية من مزايا نفسانية في المحافظة على النظام الاجتماعي والعزة القومية مع تجنب استبدادها وطغيانها. وكانت سلطة الملكين سلطة محددة غير مطلقة: فكانا يقومان بتقريب القرابين التي يتطلبها دين الدولة، ويرأسان الهيئة القضائية، ويقودان الجيش في الحرب. وكانا في جميع أعمالهما خاضعين لمجلس الشيوخ، وأخذا بعد معركة بلاتية يفقدان سلطانهما شيئاً فشيئاً ويتولاها الإفورون.
أما العناصر الأرستقراطية ذات السلطان الأكبر في الدولة فكان مقرها في مجلس الشيوخ أو الجروسيا. وكانت الجروسيا بمعناها الحرفي