وكانت الخطوة الأولى هي تقوية النسل بأقصى الطرق. فلم يكن كل ما يفرض على الطفل هو أن يواجه ما لأبيه من حق قتله، بل كان يؤتى به فضلاً عن ذلك أمام مجلس من مجالس الدولة مكون من مفتشين، فإذا ظهر أن الطفل مشوه ألقي به من فوق جرف في جبل تيجيتس ليلقى حتفه على الصخور القائمة في أسفله (٤٧). وكان ثمة وسيلة أخرى للتخلص من ضعاف الأطفال نشأت من العادة التي جرى عليها الإسبارطيون، وهي تعويد أطفالهم تحمل المشاق والتعريض لمختلف الأجواء (٤٨). وكان يطلب إلى الرجال والنساء أن يهتموا بصحة من يريدون أن يتزوجوهم وبأخلاقهم؛ وحتى الملك أركداموس Archidamus نفسه قد فرضت عليه غرامة لأنه تزوج بامرأة ضئيلة الجسم (٤٩). وكان الأزواج يشجعون على أن يعيروا زوجاتهم إلى رجال ذوي قوة ممتازة غير عادية حتى يكثر بذلك الأطفال الأقوياء؛ وكان ينتظر من الأزواج الذين أنهكهم المرض أو أعجزتهم الشيخوخة أن يدعوا الشبان ليعينوهم على تكوين أسر قوية. ويقول بلوتارخ إن ليكرجوس كان يسخر من الغيرة ومن احتكار الأزواج، ويقول إن من أسخف الأشياء أن يعنى الناس بكلابهم وخيلهم، فيبذلوا جهدهم ومالهم ليحصلوا منها على سلالات جيدة، ثم تراهم مع ذلك يبقون زوجاتهم في معزل ليختصوا بهن في إنجاب الأبناء، وقد يكونون ناقصي العقل أو ضعفاء أو مرضى". والأقدمون كلهم مجمعون على أن الذكور من الإسبارطيين كانوا أقوى أجساماً وأجمل وجوهاً من سائر رجال اليونان، وأن نساءهم كن أصح وأجمل من سائر نساء تلك البلاد (٥٠).
وأغلب الظن أن هذه النتيجة يرجع أكثرها إلى التدريب لا إلى العناية بالنسل. وفي ذلك يقول ثوسيديدس على لسان الملك أركداموس: "قلما يكون ثمة فرق" (يعني وقت المولد على ما نظن) "بين الرجل والرجل، ولكن الذي يتفوق في آخر الأمر هو الذي ينشأ في أقصى مدرسة" (٥١). وكان الولد الإسبارطي يؤخذ من أسرته في السابعة من عمره