لتتكفل الدولة بتربيته؛ فكان يسلك في فرقة عسكرية هي في الوقت نفسه فصل مدرسي تحت إشراف بيدونوموس Paidonomos أو قيم على الأولاد. وكان أقدر الأولاد وأشجعهم في كل فصل ينصب عريفاً عليهم؛ ويطلب إلى سائر الأولاد أن يطيعوه، وان يخضعوا لما عساه أن يفرضه عليه من عقاب، وأن يحاولا أن يجاروه أو أن يتفوقوا عليه في الأعمال الشاقة وفي حسن النظام. ولم يكن هدفهم من هذه التربية هو الجسم الرياضي والمهارة في الألعاب كما كان هدف الأثينيين، بل كان هذا الهدف هو الشجاعة الحربية والقيمة العسكرية. وكانوا يقومون بالالعاب وهم عراة على أعين الكبار والعشاق من الرجال والنساء. وكان هَمّ الكبار من الرجال أن يثيروا الشحناء بين الأولاد فرادي وجماعات، ليختبروا بهذا ما لديهم من قوة وجلد ويدربوهم عليهما؛ فإذا ما جبنوا لحظة جللهم العار أياماً طوالاً. وكان يطلب إلى الإسبارطيين جميعاً أن يتحملوا الألم ويقاسوا الصعاب، وأن يصبروا على المصائب وهم صامتون لا يتذمرون. وكان عدد من الشبان يختارون كل عام أمام مذبح أرتميس أرثيا Artemis Ortha وتلهب أجسامهم بالسياط حتى تخضب دماؤهم الحجارة (٥٢). وإذا بلغ الولد الثانية عشرة من عمره منعت عنه ملابسه السفلى، ولم يسمح له إلا بثوب واحد طوال أيام السنة. ولم يكن يستحم كثيراً كغلمان الأثينيين، لأن الماء والأدهان تجعل الجسم ليناً رخواً، أما الهواء البارد والتراب النظيف فيجعلانه صلباً شديد المقاومة. وكان ينام في العراء صيفاً وشتاءً، على فراش من الأسل يقطع من شاطئ يوروتاس. وكان يعيش حتى الثلاثين من عمره في الثكنات مع فرقته، ولا يعرف وسائل الراحة المنزلية.
وكان يتعلم القراءة والكتابة، ولكنه لا يكاد يتعلم منهما ما يكفي لأن يخرجه من سلك الأميين، وقلما كانت الكتب تجد في إسبارطة من يشتريها (٥٣)، وكان الناشرون قلة كالمشترين. ويقول بلوتارخ إن ليكرجوس كان يرغب ألا يتعلم الأطفال قوانينه بطريق الكتابة، بل يجب أن يتلقوها مشافهة وبطريق