المران عليها في شبابهم بعناية من يرشدهم ويضرب لهم المثل بنفسه. وكان يرى أن تقويم الأخلاق بتعويدهم إياه دون أن يحسوا هم بذلك خير من الاعتماد على الإقناع بالحجج النظرية؛ وأن التعليم الصحيح هو خير أساليب الحكم، على أن يكون هذا التعليم خلقياً أكثر منه عقلياً، لأن الخلق أعظم خطراً من العقل. وكان الشاب الإسبارطي يدرب على الاعتدال في الشراب، وكانوا يرغمون بعض الهيلوتيين على الإفراط فيه حتى يرى الشبان ما قد يتردى فيه المخمور من حماقات (٥٤). وكان يعلم أن يستعد للحرب بأن ينطلق في الحقول يجد طعامه بنفسه أو يموت جوعاً إذا لم يجده، وكانوا يجيزون له السرقة في هذه الأحوال، فإذا قبض عليه وهو يسرق عوقب بالجلد (٥٥). وإذا كان حسن السلوك سمح له أن يحضر اجتماع المواطنين العام، وكان ينتظر منه أن يعنى بالاستماع إلى ما يقال فيه حتى يلم بمشاكل الدولة ويتعلم فن الحديث الظريف. فإذا تخطى صعاب الشباب بشرف وبلغ سن الثلاثين منح كل ما للمواطن من حقوق، وألقيت عليه جميع ما يلقى على المواطن من تبعات، وأجيز له أن يجلس لتناول الطعام مع من هم أكبر منه.
وكانت البنت أيضاً خاضعة لقيود تفرضها عليها الدولة، وإن كانت تتركها لتربى في منزل أبويها. فكان يطلب إليها أن تقوم ببعض الألعاب العنيفة- الجري، والمصارعة، ورمي القرص، وإطلاق السهام من القوس- لكي تصبح قوية البنية، صحيحة الجسم، صالحة في يسر للأمومة الكاملة. وكان عليها أن تسير عارية في أثناء الرقصات والمواكب العامة، ولو كانت في حضرة الشبان، لكي يحفزها ذلك إلى أن تعنى بجسمها العناية الواجبة، ولكي تنكشف للناس عيوبها فيعملوا على إزالتها. وفي ذلك يقول بلوتارخ، وهو الرجل الشديد الحرص على الأخلاق: "ولم يكن ثمة شيء يُستحى منه في عري الفتيات، فقد مكان الوقار شعارهن، وكان الفجور أبعد الصفات عنهن. وكن وهن يرقصن يغنين الأغاني