للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(ديولكوس Diolcos) - أي طريقاً خشبياً تجر عليه السفن نحو أربعة أميال فوق الأرض على اسطوانات، وربحت من وراء ذلك كثيراً من الأموال (١). وكان لها قلعة منيعة تدعى أكروكورنثس Acrocorinthus وهي قلة من قلل الجبال يبلغ ارتفاعها ألفي قدم، ويغذيها بالماء نبع لا ينضب معينه أبداً. وقد وصف لنا استرابون المنظر الذي تقع عليه عين من يشرف على هذا المكان من القلعة، والمدينة مبسوطة على سطحين مدرجين من تحتها، والملهى المقام في الهواء الطلق والحمامات العامة العظيمة، والسوق ذات العمد، والهياكل البراقة، والأسوار التي تصد عنها الأعداء والتي تمتد إلى ميناء لكيوم Lechaeum على الخليج الشمالي. وكان على قمة الجبل نفسها هيكل لأفرديتي وكأنما أقيم ليرمز إلى صناعة من أهم صناعات المدينة (٨٠).

وكان لكورنثة تاريخ يرجع في قدمه إلى الأيام الميسينية، واشتهرت المدينة في أيام هومر نفسه بثروتها الطائلة (٨١). وكان يحكمها بعد الفتح الدوري ملوك، ثم تولى حكمها الأشراف تسيطر عليهم أسرة البكيادي Bachiadae؛ ثم حدث فيها ما حدث في أرجوس، وسكيون، ومجارا، وأثينة، ولسيوس، وميليتس، وساموس، وصقلية، وفي كل مكان راجت فيه التجارة اليونانية، وهو استيلاء طبقة التجار ورجال الأعمال على السلطة السياسية بالثورة أو الدسائس. وهذا هو المعنى الحقيقي الذي يجب أن يفهم من قيام حكومات "الطغيان" أو الدكتاتوريات في بلاد اليونان في القرن السابع قبل الميلاد. ففي عام ٦٥٥ استولى سيسيلوس على مقاليد الحكم. وكان قد نذر أن يخص زيوس بثروة كورنثة كلها إذا ما وصل إلى غرضه، فلما تم له الأمر فرض


(١) وكان هذا المزلق طريقاً يرحب به التجار ويفضلونه على المياه الصاخبة القريبة من رأس ماليا Malea التي تعترض الطريق الذاهب إلى الجزء الغربي من البحر الأبيض المتوسط. وكان الطريق الخشبي يقوى على حمل السفن التجارية المألوفة في أيام اليونان. ولقد نقل أغسطس أسطوله على هذا الطريق وهو يطارد أنطونيوس وكليوباترة، بعد معركة أكتيوم، ونقل أسطول يوناني بهذه الطريقة نفسها في عام ٨٨٣ (٧٨) م. وقد وضع بريندر في أيامه مشروعاً لحفر القناة التي تصل الخليجين ولكن مهندسيه رأوا هذا العمل فوق طاقتهم.