استئصالها؛ "وإن الرجل الشرير لا يمكن أن يصبح صالحاً مهما علّمته"(١٠٥) - وقد يكون كل الذي يعنيه بقوله هذا أنه ما من تعليم يستطيع أن يجعل السوقي أرستقراطياً؛ وهو ككل المحافظين الخلَّص يحرص أشد الحرص على نقاء النسل، ويقول "إن ما في العالم من شرور ليس ناشئاً من شره الأخيار بل من سوء اختيارهم لأزواجهم ومن ضعف خصبهم"(١٠٦).
وهو يدبر مع سيرنس ثورة جديدة مقاومة للثورة السابقة؛ ومن رأيه أن الإنسان، وإن أقسم يمين الولاء للحكومة الجديدة، يجوز له أن يغتال الحاكم المستبد الظالم؛ ويتعهد بأن يعمل مع رفاقه حتى ينتقموا لأنفسهم من أعدائهم أشد انتقام. لكنه بعد أن قضى في النفي والعزلة كثيراً من السنين يرشو موظفاً من الموظفين ليمكنه من العودة إلى مجارا (١٠٧). ثم يشمئز نفسه من نفاقه هذا وينشد أبياتاً من الشعر يعبر فيها عن يأسه، وهي أبيات يكررها مئات من اليونان.
ليس في العالم نعمة
أحسن من ألا يولد الإنسان أو لا يرى الشمس!
ويليها أن يدركه الموت عاجلاً
ويدفن تحت أطباق الثرى.
وتراه في آخر حياته في مجارا رجلاً طاعناً في السن مهشماً، وقد أخذ على نفسه ألا يكتب شيئاً في السياسة ليضمن بذلك سلامته. ويجد سلواه في الخمر وفي زوجة صالحة (١٠٩)، ويحاول جهده أن يتعلم أخيراً أن كل شيء طبيعي يمكن أن يغتفر.
تعلم، يا سيرنس، تعلم أن تكون هادئ العقل؛
ووفق بين مزاجك وبين الجنس البشري والطبيعة البشرية،