للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي أصبحت أثينة بفضله الزعيمة التجارية في بلاد البحر المتوسط. وكانت أرستقراطية الثراء الجديدة ترفع من شأن الذكاء لا من شأن المولد، وتشجع العلم والتعليم، وتمهيد السبيل مادياً وعقلياً للأعمال الثقافية العظيمة التي تمت في العصر الذهبي.

ولم بلغ صولون في عام ٥٧٢ سن السادسة والستين آثر الحياة الخاصة، فاعتزل منصبه بعد أن ظل أركوناً خمسة وعشرين عاماً، وبعد أن أخذ العهد على أثينة، بأيمان أقسمها موظفوها، أن تطيع قوانينه بلا تغيير فيها ولا تبديل مدة عشر سنين؛ وسافر بعدئذ ليطلع على حضارة مصر والشرق، ويلوح أن ذلك الوقت هو الذي قال فيه قالته الذائعة الصيت- "إني لتكبر سني وما فتئت أتعلم". ويقول أفلوطرخس إنه درس التاريخ في عين شمس) هليوبوليس (على الكهنة، ويقال إنه سمع منهم عن أطلنطيس القارة الغارقة، التي قص قصتها في ملحمة لم يتمها، افتتن بها أفلاطون الواسع الخيال بعد مائتي عام من عصره. وسافر من مصر إلى قبرص ووضع القوانين لتلك المدينة التي غيرت اسمها من قبرص إلى Soli تكريماً له (١). ويصف هيرودوت أفلوطرخس حديثه مع كروسس ملك ليديا في سرديس- وما أقوى ذاكرتهما التي أمكنتهما من أن يقصا هذا الحديث- فيرويا كيف خرج هذا الرجل صاحب الثروة المنقطعة النظير مزداناً بكل ما عنده، وسأل صولون ألا يرى أنه، كروسس، رجل سعيد، وكيف أجابه صولون بصفاقته اليونانية قائلاً:

"إن الآلهة أيها الملك قد وهبت اليونان كل ما وهبتهم من النعم بقسط معتدل؛ وكذلك حكمتنا فهي حكمة معتدلة، لا حكمة نبيلة ملكية؛ وإذا ما قلبنا النظر في البلايا الكثيرة التي تكتنف الناس في جميع الظروف فإن هذا الاعتدال


(١) يقص ديوجينيز ليرتيس هذه القصة عن صول في قلقيلية- وهي البلدة التي كان احتفاظها باللغة اليونانية القديمة إلى أيام الاسكندر سبباً في وجود لفظ Solecism معناه الخطأ في الكلام أو خرق حرمة الآداب.