السواء … ما من أحد من الناس وما من شيء من صنعهم خالد؛ وما أصدق قول شاعر طشيوز Chjos إن حياة الإنسان كحياة ورقة الشجرة الخضراء. لكن الذين يسمعون هذا لا يكاد يذكره منهم أحد، لأن الأمل قوي في صدور الشبان؛ فإذا كان الإنسان في نضرة الشباب، وكان فارغ القلب من المتاعب، امتلأ عقله بالأفكار الباطلة وظن أنه لن تدركه الشيخوخة، ولا الموت؛ وهو لا يفكر في المرض إذا كان صحيح الجسم .. ألا ما أشد حمق من يفكرون هذا التفكير ومن لا يعرفون أن أيام شبابنا وأيام حياتنا قصيرة" (٩).
ولم يكن يجيش في صدر سمنيدس أمل في جزيرة مباركة تخفف عنه آلامه؛ كما أن أرباب أولمبس قد أصبحت كأرباب المسيحية في بعض الشعر الحديث أدوات لقرض الشعر لا وسائل لتخفيف أحزان النفوس. ولما تحداه هيرون وطلب إليه أن يحدد طبيعة الله وصفاته، استمهله يوماً واحداً يعد فيه جوابه، وفي اليوم الثاني استمهله يومين آخرين، وكان في كل مرة يضاعف المهلة التي يطلبها ليعد فيها الجواب. ولما طلب إليه هيرون أن يوضح له معنى مسلكه هذا، أجابه أن هذا الأمر يزداد غموضاً كلما طال تفكيره فيه (١٠).
ولم تنجب كيوس سمنيدس وحده بل أنجبت أيضاً بكليدس Bacchylides ابن أخيه وخليفته في الشعر الغنائي، وأنجبت في أيام الإسكندر الأكبر إراستراتس Erasistratus العالم الكبير في تشريح الأجسام. وليس في مقدورنا أن نقول هذا القول نفسه عن جزائر سريفوس Siriphos، أو أندروس Andros أو تينوس Tenos أو ميكونوس Myconos أو سيكنوس Sicinos أو إيوس Ios. وفي سيروس Syros عاش فرسيديز Pherecydes (حوالي ٥٥٠)، وقد اشتهر بأنه علم فيثاغورس، وبأنه أول من كتب من الفلاسفة نثراً. أما ديلوس فكانت مسقط رأس أبلو نفسه، على حد قول القصة اليونانية. ولقد بلغ من تقديس الناس لهذه الجزيرة، لأن فيها مزاره، أن حرموا الموت والولادة داخل