للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسعنا أن نستدل بعض الاستدلال على مهارة اليونان الرياضية والهندسة، إذا عرفنا أن الثقبين الذين بدءا من اتجاهين متضادين التقيا في وسط النفق، وأن الخطأ في تقديرهم عند التقائهما لم يزد على ثماني عشرة قدماً في الاتجاه وعلى تسع أقدام في الارتفاع (١).

وكانت ساموس مركزاً من مراكز الثقافة قبل بوليكراتيز بزمن طويل. ففيها عاش إيسوب صاحب الخرافات المشهورة، وكان عبداً فريجياً للادمون Lodmon اليوناني. وتقول إحدى الروايات التي لم تؤيد بعدُ إن لادمون أعتقه وإن إيسوب سافر كثيراً والتقى بصولون، وعاش في بلاط كروسس، واستولى على الأموال التي كلفه كروسس بتوزيعها في دلفي، وإنه لقي حتفه على يد الدلفيين الذين اغتصبوا مالهم (٤٢). وكانت خرافاته التي أخذ معظمها من مصادر شرقية منتشرة بين الأثينيين في عصر بلادهم الأدبي. ويقول بلوتارخ إن سقراط قد نظمها شعراً (٤٣)، وإن ما فيها من فلسفة، فلسفةٌ يونانية خالصة، وإن كانت الخرافات نفسها مصوغة في قالب شرقي: "ما أحلى جمال الطبيعة؛ والأرض والبحر، والنجوم وقرص الشمس والقمر، وأما ما عدا هذه فخوف وألم" (٤٤) وخاصة إذا اغتصب الإنسان مال غيره! ولا نزال حتى الآن نلتقي به في الفاتيكان حيث نراه على كوب من عصر بركليز ذي رأس أصاب الصلع نصفه ولحية كلحية فانديك Vandyke، يستمع إلى ثعلب مرح يروي له قصة ذات فائدة له (٤٥).

وفي ساموس ولد فيثاغورس العظيم، ولكنه غادرها في عام ٥٢٩ ليعيش في كروثونا بإيطاليا. وجاء أنكريوس من تيوس Teos إلى ساموس ليتغنى بمحاسن بوليكراتيز ويربي له ابنه؛ وكانت أعظم شخصية في بلاد بوليكراتيز هي شخصية الفنان ثيودوس Theodorus ليوناردو ساموس، الذي يعرف


(١) ولا يزيد الخطأ عند التقاء الثقبين في هذه الأيام على بضع بوصات، وقد لا يكون ثمة خطأ على الإطلاق.