على أنها كانت ذات عواطف جياشة، وأن ألفاظها كما يقول بلوتارخ "كانت تمتزج باللهب"(٧٨)؛ وكانت مرهفة الحس إلى حد ما، وكان هذا سبباً في الحد من حماسة عقلها. وقد وصفها أثيس تلميذها المقرب إليها بأنها كانت ترتدي الثياب الزعفرانية اللون والأرجوانية، وتتوج رأسها بالزهر؛ وما من شك في أن قوامها النحيل قد أكسبها ملاحة وجاذبية، وشاهد ذلك أن لفيوس الذي نُفي معها إلى بيرا أرسل إليها مُسرعاً رسالة عشق وهيام، قال فيها:"أي سافو! يا ذات التاج القرنفلي، يا طاهرة، يا ذات الابتسامة الحلوة، أريد أن أحدثك في أمر ولكن الحياء يمنعني أن أنطق به". وكان جوابها أقل غموضاً من اقتراحه:"لو كانت رغباتك طيبة نبيلة، ولو كنت تريد ألا تنطق لسانك بما هو دنيء، لما أسدل الحياء على عينيك غشاوة، ولأفصحت عن رغباتك الطيبة العادة"(٧٩). وأخذ الشاعر يتغنى بمدحها في قصائده وأناشيده، ولكننا لا نعرف أن صلة غير هذه الصلة قد عقدت أواصرها بينهما، ولعلهما قد افترقا حين نفيت سافو للمرة الثانية، وكان سبب نفيها أن بتاكوس قد خشي قلمها بعد نضوجه فنفاها في هذه المرة إلى صقلية، وكان ذلك في أغلب الظن عام ٥٩١، وهي في سن يكاد الإنسان يظنها فيها فتاة لا تستطيع أن تؤذي إنساناً. وقد تزوجت حوالي ذلك الوقت بتاجر ثري من أندروس Anodros وكتبت بعد بضع سنين من ذلك الوقت تقول: "لي ابنة صغيرة شبيهة بالزهرة الذهبية، هي كليس Cleis قرة عيني، التي لا أفرط فيها ولو أعطيت ليديا كلها أو لسبوس الحبيبة" (٨٠). وما من شك في أنها كان في وسعها أن ترفض ما في ليديا من ثروة لأنها ورثت ثروة زوجها بعد وفاته المبكرة، وعادت إلى لسبوس بعد أن أقامت في منفاها خمس سنين، وأضحت زعيمة الحياة الاجتماعية والعقلية في الجزيرة. وإنا لنلمح بهرج الترف في إحدى القطع الباقية من شعرها حيث تقول: "أما أنا فليكن في علمكم أني أحب الحياة اللينة، وأرى أن النور والجمال مما تشتهيه الشمس" (٨١). وأضحت وثيقة