تموت، ومن أقوال استبايوس Stobaeus فيها: "وحدث مرة في مجلس شراب أن أخذ إجزستيديس Execestidez ابن أخي صولون يغني أغنية من أغاني سافو، أعجب بها عمه إعجاباً لم يسعه معه إلا أن يأمر الغلام أن يعلمه إياها، ولما سأله أحد الحاضرين:"لم يطلب هذا الطلب؟ " أجاب بقوله: "إني أريد أن أتعلمها ثم أموت! "(٧٣). وكان سقراط -ولعله كان يرجو مثلما يرجوه صولون لنفسه - يسميها "الجميلة"، وكتب فيها أفلاطون مقطوعة شعرية حماسية قال فيها:
يقولون إن ربات الشعر تسع، ألا ما أكثر غباءهم
فليعلموا أن سافو اللسبوسية هي العاشرة!.
ويقول استرابون:"كانت سافو امرأة فذة عجيبة؛ لأني لا أعرف أن قد وجدت في جميع العصور التي وصل إلينا علمها امرأة أوتيت معشار ما أوتيت سافو من النبوغ في قرض الشعر"(٧٥). وكما أن الأقدمين إذا ذكروا لفظ "الشاعر" فإنما يعنون بهذا اللفظ هومر، كذلك كان العالم اليوناني كله إذا نطق أمامهم أحد بلفظ "الشاعرة" فهموا من فورهم من يعنون بهذا الاسم.
وقد ولدت بسافا Psappha كما كانت تسمي نفسها بلهجتها الإيولية الرقيقة، في إرسوس Eresus من أعمال لسبوس حوالي ٦١٢ ق. م. ولكن أسرتها انتقلت إلى متليني وهي لا تزال في المهد. وكانت في عام ٥٩٣ بين الأشراف الذين ائتمرا ببثاكوس والذين نفاهم إلى مدينة بيرا Pyrrha؛ ولما بلغت التاسعة عشرة كانت ذات شأن في الحياة العامة لاشتغالها بالسياسة، وبقول الشعر. ولم تشتهر بجمالها، فقد كانت صغيرة الجسم، ضعيفة البنية، وكان شَعرها وعيناها، وبشرتها أسود مما يحبه اليونان (٧٦)، ولكنها كانت تسحر الناس برشاقتها، ورقتها، ودماثة أخلاقها، وحصافة عقلها الذي لم يبلغ من "السفسطة" درجة تخفي رقتها وحنانها. ومما قالته هي عن نفسها:"إن قلبي كقلب الطفل"(٧٧)، ويستدل من شِعرها