آلام الموت المترصد لي فأضطرب وأظل في سكرات (١) الحب (٨٤).
وأخرج والدا أثيس ابنتهما من المدرسة، ولدينا رسالة تعزى إلى سافو نفسها تصف فيها ساعة فراقهما:
بكت (أثيس؟) بكاءً مراً لفراقنا وقالت: "واحسرتاه ما أتعس حظنا؛ وأقسم لك ياسافا أن فراقي إياكِ كان على الرغم مني"، فأجابتها:"سيري في طريقكِ منشرحة الصدر؛ ولكن اذكريني لأنكِ تعرفين هيامي بكِ. فإذا لم تذكريني، فإني سأذكركِ بما تنسين؛ ألا ما أعز وأجمل الأيام التي قضيناها معاً! لقد كنتِ تزينين غدائرك المتماوجة بتيجان القرنفل والورد الجميل وأنتِ إلى جانبي، وتزينين جيدكِ الرقيق بعقود مجدولة من مئات الأزهار، وبالأدهان الكثيرة الغالية الخليقة بالملوك دهنتِ إهابكِ الأبيض النضر وأنتِ بين ذراعي. ولم يكن في المكان كله تل، أو موضع مقدس؛ أو غدير ماء لم تذهب إليه؛ ولم تملأ الأصوات الكثيرة في بواكير الربيع غابة من الغابات بسجع العندليب إلا ذهبتِ إليه معي"(٨٥).
وتأتي بعد هذه الأغنية في نفس المخطوط تلك الصيحة المريرة:"لن أرى أثيس بعد اليوم ولا فرق عندي بين هذا وبين الموت"، إن هذا بلا ريب هو صوت الحب الصادق، الذي يعلو ذروة الوفاء والجمال ويسمو فوق الخير والشر!
وقد ثار الجدل بين من جاء بعد ذلك العصر من علماء التاريخ القديم واختلفوا هل هذه القصائد تعبر حقاً عن "الحب اللسبوسي" أو أنها لم تكن إلا تدريباً للخيال الشعري ولتجسيد المعاني المجردة. ولكنا لا شأن لنا بهذا
(١) ولقد ترك لنا سونبيرن مثلاً من هذا البحر خيراً مما تركه جون أدنجتن سمندس ووصف حب سافو في قصيدة رائعة سماها "السافيات" في كتابه Poems and Ballads مطلعها: لم يطرق جفوني الكرى طول الليل.