الجدل، وحسبنا أن هذه القصائد شعر من الطراز الأول جياش بالعاطفة، قوي الخيال، يبلغ حد الكمال في لفظه ومبناه. وفي قطعة باقية منه حديث عن "وقع أقدام الربيع المزهر"؛ وفي قطعة أخرى حديث عن "الحب الذي يفكك الأعضاء، والعذاب المر - الحلو" وتُشبِّه قطعة ثالثة الحبيب البعيد المنال "بالتفاحة الحلوة التي تحمر على طرف الغصن، على الطرف الأعلى للغصن، والتي سها عنها الجاني، لا لم ينسها بل إنه لم يستطع لعلوها أن يصل إليها"(٨٦). وكتبت سافو عن موضوعات أخرى غير الحب، واستخدمت فيها بحوراً من الشعر بلغ عدد ما بقي لنا منها خمسين بحراً. وقد لحنت هي بنفسها أغانيها ووقعتها على العود. وجُمع أشهرها في خمسة دواوين تحتوي نحو ألف بيت ومائتين، بقي منها ستمائة يندر أن تكون متتالية. وحدث في عام ١٠٧٣ بعد الميلاد أن أمر رؤساء الكنيسة في القسطنطينية ورومة بإحراق جميع أشعار سافو وألفينوس علناً (٨٧)، وفي عام ١٨٩٧ كشف جرنفل Grenfel وهنت Hunt في أكسرنكوس Oxyrhynchus بمديرية الفيوم توابيت مصنوعة من طبقات من الورق استخدمت في صناعتها قطع من كتب قديمة؛ وجدت عليها بعض قصائد سافو (٨٨).
وقد ثأر ذكور الأجيال التالية لأنفسهم منها بأن نقلوا عنها، أو اخترعوا من عندهم، قصة تروي كيف ماتت قتيلة هيامها برجل لم يبادلها الحب. وثمة فقرة في معجم سويداس Suidas (٨٩) تروي كيف قفزت "العاهرة سافو" - وهو الوصف الذي توصف به الشاعرة عادة - من فوق صخرة في جزيرة لوكاس Leucas قفزة قضت بها على نفسها، لأن البحار قاؤون لم يستجب لحبها. ويشير مناندر، واسترابون، وغيرهما من الكتاب إلى هذه القصة، ويرويها أوفد في تفاصيل جميلة (٩٠) ولكنا نجد فيها حوادث كثيرة من نسج الخيال، وخليق بنا أن نتركها من غير تمحيص حائرة بين الحقيقة والخيال. وتقول الروايات المتواترة إن سافو عادت فتعلمت حب الرجال. ونجد في القطع الصغيرة التي