جمال، لأن الحروب والزلازل دمرته تدميراً، ثم سادت أكروجاس بعد جيل من ذلك الوقت؛ أي في عصر بركليز، هياكل أخرى أقل من هذا حجماً. وقد بقي أحدها وهو هيكل الوفاق Concord بكامل أجزائه تقريباً، كما بقي من هيكل هيرا طائفة من العمد تؤثر في النفس بروعتها. ويكفي ما بقي من المعبدين للدلالة على أن الذوق اليوناني لم يكن مقصوراً على أثينة وحدها، وعلى أن الغرب التجاري نفسه قد أدرك أن "الرقي ليس في الضخامة". وفي أكروجاس ولد إمبدقليز العظيم، ولا يبعد أن يكون قد مات فيها أيضاً لا في فوهة بركان إتنا Etna.
وبدأت سرقوسة بالصورة التي هي عليها اليوم- قرية محتشدة على لسان ارتجيا Ortygia الجبلي الممتد في البحر. وكانت كورنثة قد أرسلت في القرن الثامن جماعة من المستعمرين مسلحين بأخلاق قوية وأسلحة متفوقة للاستيلاء على شبه الجزيرة الصغيرة. ولعلها كانت وقتئذ جزيرة، فبنوا أو وسعوا الطريق الذي يصلها بأرض صقلية، وطردوا معظم الصقليين إلى داخل الجزيرة. وازداد أبناؤهم كما يزداد أبناء الشعب القوي في الأرض الكثيرة الموارد، حتى أصبحت مدينتهم على مر الأيام أكبر المدن في بلاد اليونان كلها، فكان طول محيطها أربعة عشر ميلاً، وسكانها نصف مليون. وقام العامة من سكانها الذين لم يكن لهم ما لسائر الأهلين من حقوق سياسية، ومعهم الصقليون المسترقون، بثورة على الأشراف ملاك الأراضي واستولوا منهم على أزمة الحكم في عام ٤٩٥. ولكن الدمقراطية الجديدة- إذا جاز لنا أن نصدق أرسطاطاليس (٦٤). عجزت عن أن تقيم مجتمعاً منظماً، وما زالت كذلك حتى قام جيلون الجيلي Gelon of Gela في عام ٤٨٥ واستبدل بها دكتاتورية مستعيناً على ذلك بخطة من الغدر المستنير. وكان كالكثيرين من أمثاله حاكماً قديراً لا يرعى عهداً ولا ذمة، يسخر من جميع المبادئ الأخلاقية والقيود السياسية، وجعل من أرتيجيا حصناً منيعاً لحكومته، وفتح نكسوس،