للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأثينا بلا معونة، فولدت هي الأخرى هفستس من غير حاجة إلى ذكر. ولما رأته قبيح المنظر ضعيف الجسم، ألقت به من فوق أولمبس، ولكنه عرف طريق العودة إلى موطنه، وشاد للآلهة القصور الكثيرة التي كانوا يسكنون فيها. وكان يكن لأمه كل شفقة وإجلال رغم ما لقيه على يديها من سوء المعاملة، وقد دافع عنها دفاعاً مجيداً في نزاعها مع زيوس، فما كان من إله أولمبس العظيم إلا أن أمسك بساقه وقذف بهِ إلى الأرض. واستغرق هفستس في نزوله يوماً كاملاً، حتى استقر آخر الأمر على جزيرة لمنوس، وجرح عقبه، ويؤكد العارفون أنه أصبح من ذلك الحين شديد العرج يتألم كلما مشى) وإن كان هومر يقول إنه كان أعرج قبل هذه الحادثة (. وعاد مرة أخرى إلى أولمبس، وصنع في حانوته الكثير الضوضاء سنداناً ضخماً وضع فيه عشرين منفاخاً كبيراً، وعمل دروع أخيل، وتماثيل تتحرك من نفسها، وعجائب أخرى كثيرة. وكان اليونان يعبدونه بوصفه إله جميع الصناعات المعدنية، ثم أصبح عندهم إله جميع الصنائع اليدوية، وكانوا يعتقدون أن البراكين هي مداخن حوانيته التي تحت الأرض. وكان من سوء حظه أن تزوج أفرديتي ووجد أن من أصعب الأمور أن تجتمع الفضيلة والجمال في شخص واحد. ولما عرف هفستس بما كان بينها وبين أريس، صنع للمحبين شركاً وقع عليهما في أثناء اجتماعهما. وهكذا أنتم الإله الأعرج لعرجه بأن عرض على زملائه الآلهة إلهي الحب والحرب مكبلين في الأغلال، وكان منظراً أثار ضحك الآلهة. وقال هرمس لأبلو- كما يحدثنا هومر:

"أي هرمس يا بن زيوس … هل يرضيك حقيقة أن تنام على فراش واحد بجانب الإلهة أفرديتي، ولو كنت مكبلاً بالأغلال الثقال؟ " فأجابه الرسول (١) يقول: "أيها الإله أبلو؛ ليت هذا يكون، وليتني أكبل بثلاثة أمثال هذه الأغلال التي لا أجد منها خلاصاً، وأن تشاهدوني أنتم أيها الآلهة- نعم


(١) يقصد هرمس لأنه رسول الآلهة. (المترجم).