للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دلفي وديلوس هي التعبير عن ابتهاج الشعب المستنير بإله الصحة والحكمة والعقل والغناء، وكانت أخته أرتميس) ديانا (، سعيدة مثله. وكانت أرتميس إلهة الصيد العذراء، المنهمكة في شؤون الحيوانات، وفي ملذات الغابات، انهماكاً لا يترك لها وقتاً لحب الرجال، وكانت إلهة الطبيعة البرية، والمراعي والغابات والتلال، والغصن المقدس. وكما كان أبلو المثل الأعلى للشباب اليوناني، كذلك كانت أرتميس المثل الأعلى للفتيات اليونانيات- كانت قوية الجسم، رياضية رشيقة عفيفة، وهذا فقد كانت راعية النساء في الولادة، وكن يدعونها لتخفف عنهن آلام الوضع. وكانت تحتفظ في إفسوس بطبيعتها الآسيوية، فكانت إلهة الأمومة والإخصاب؛ وبهذه الطريقة اختلطت فكرتا العذراء والأم في عبادتها، وقد وجدت الكنيسة المسيحية في القرن الخامس بعد الميلاد أن من الحكمة أن تضيف ما بقي من هذه الطقوس الدينية إلى مريم، وأن تحول عيد الحصاد الذي كان يقام لأرتميس في منتصف أغسطس إلى عيد انتقال العذراء إلى السماء. وبهذه الطريقة وأمثالها يحتفظ الجديد بالقديم ويتبدل كل شيء عدا الجوهر ذلك أن التاريخ كالحياة يجب أن يستمر أو يموت؛ فقد تتبدل الأخلاق والأنظمة ولكنها تتبدل ببطء؛ وإذا حال حائل قوي بينها وبين نماءها وتطورها نسيت الأمم نفسها وجن جنونها.

وكان من بين تلك الآلهة إله أشبه ما يكون بالآدميين، هو الصانع الأولمبي الماهر هفستس الأعرج المعروف عند الرومان باسم فلكان Vulcan. ويبدو أن هذا الإله المهين المظلوم، إله السماء الأول كان إلهاً سخيفاً خليقاً بالرثاء، ولكنه في آخر الأمر يستدر عطفنا أكثر مما تستدره الآلهة الماكرة التي لا ضمير لها، والتي تسيء معاملته، ولعله كان في أيامه الأولى، قبل أن يصير قريب الشبه بالأناس، روح النار والكير. وهو في قصص هومر الديني ابن زيوس وهيرا، ولكن أساطير غير أساطير هومر تؤكد لنا أن هيرا حسدت زيوس على مولده