فيها رجولته كاملة مكاناً لها في كل مكان للتدريب العضلي. وإذ كان هو المنذر والمبشر فقد كان إله الفصاحة، وإذ كان الشارح السماوي فقد أصبح رأس عدد كبير من الشرّاح والمفسرين. وتصف إحدى الترانيم "الهومرية" كيف مد أوتاراً على صدفة سلحفاة واخترع بذلك قيثارة. ثم يحين الوقت الذي يسترضي فيه أفرديتي فيستولدها، كما يخبرنا القصاصون، خنثى (هرمفرديتي Hermaphrodite) ناعم الجسم يرث منها مفاتنها ويشتق اسمه من اسميهما.
ومن الخصائص التي امتازت بها بلاد اليونان أن كان لها فضلاً عن إلهه العفة والبكورة والأمومة، إلهة للجمال والحب، وما من شك في أن أفرديتي كانت في مواطنها الأولى بالشرق الأدنى، وفي قبرص موطنها نصف الشرقي، كانت في هذه المواطن أول الأمر إلهة أمَّاً؛ ولقد ظلت طوال عهدها ذات صلة وثيقة بالتوالد والإخصاب في الممالك النباتية والحيوانية والبشرية بأجمعها، فلما أن تقدمت الحضارة وازداد الأمن ولم تعد للناس حاجة بكثرة المواليد، تركت حاسة الجمال حرة طليقة تجد في النساء قيماً غير قيم التناسل الكثير، ومن ثم لا تقتصر أفرديتي على أن تكون المثل الأعلى للجمال بل تصبح إلهة اللذائذ الجنسية بجميع أنواعها. وعبدها اليونان في صور مختلفة: فهي في صورة أفرديتي أورينا- السماوية- ربة الحب العذري أو المقدس، وفي صورة أفرديتي بندموس Pandemos- الشعبية- إلهة الحب الدنس بكافة أنواعه، وفي صورة أفرديتي كليبيجوس Kallipygos فينوس ذات الردفين الجميلين. وقد أقامت المومسات في أثينة وكورنثة هياكل لها، واتخذنها راعية لهن ونصيرة. وكانت بعض المدن في بلاد اليونان تحتفل بالأفرديسيا عيدها العظيم في أول شهر إبريل، وفيه كانت تطلق حرية الاختلاط الجنسي لكل من شاء. وكانت هي إلهة الحب لأهل الجنوب ذوي الشهوات الجنسية والعواطف الثائرة، وهي المنافسة القديمة لأرتميس إلهة الحب عند أهل الشمال الباردين الصيادين، وقد جعلتها الأساطير-