في فصل الربيع حين تزهر الكروم ليقابلن الإله حين يولد من جديد. وكن يقضين يومين كاملين يحتسين فيهما الخمر بلا حساب وكن يرين كما يرى السكيرون غير المتدينين في هذه الأيام أن قليلة العقل من لا تفقد عقلها من الشراب، وكن يسرن في موكب عجاج تقودهن ميندات Maends أو نساء ذاهلات العقل مشغوفات بديونيسس؛ وكن يرهفن آذانهن لسماع قصته التي يعرفنها حق المعرفة، وما لقيه إلههن من عذاب وموت وبعث؛ وكن في أثناء احتسائهن الخمر ورقصهن يهتجن اهتياجاً يتحللن فيه من جميع القيود. وكان محور هذا الاحتفال وأهم ما فيه أن يمسك النساء بماعز أو ثور أو رجل في بعض الأحيان) يرين أن الإله قد تقمصه (ويمزقنه إرباً وهو على قيد الحياة، إحياء لذكرى تمزيق ديونيسس؛ ثم يشربن دمه، ويأكلن لحمه يتخذنه عشاءً ربانياً مقدساً، معتقدات أن الإله سيدخل بهذه الطريقة إلى أجسامهن ويستحوذ على أرواحهن. وكن في هذه الحماسة القدسية (١) يؤمن بأنهن سيصبحن هن والإله شيئاً واحداً، وأنهن سيظفرن بالامتزاج معه امتزاجاً صوفياً. ولهذا كن يتسمن باسمه فيطلقن على أنفسهن اسم البكوي Bacchoi ويعتقدن أنهن لن يمتن بعدئذ أبداً، أو كن يسمين الحالة التي هن فيها الإكستسيز ecstases) النشوة (أي خروجهن من أرواحهن ليلاقين ديونيسس ويتحدثن معه. وبهذا كن يشعرن بأنهن قد تحررن من أجسامهن؛ وحصلن على قوة اختراق حجب الغيب فأصبحن قادرات على التنبؤ، وصرن في واقع الأمر إلهات. تلك هي الطقوس الانفعالية التي انتقلت من تراقية إلى بلاد اليونان كأنها وباء ديني شبيه بأوبئة العصور الوسطى، ينتزع إقليماً في أثر إقليم من آلهة أولمبس الباردة الواضحة معبودات الدولة الرسمية ليُحِل محلها ديناً وطقوساً تشبع الاهتياج والتحرر من القيود، والحنين إلى التحمس
(١) ولفظ الحماسة الإنجليزي euthusiasm مشتق من إنثيوس Entheos " إله في الداخل" وكان هذا اللفظ يعني في أول الأمر إله جسم إنسان.