كلها من يضارع أوديسيس في ذكائه، أو هكتور في بطولته، أو أندرمكا في رقتها وحنانها، أو نسطور في مهابته. ولم يكن في وسع إنسان أن يهزل بالآلهة هذا الهزل إلا شاعر في القرن السادس قبل الميلاد ملم كل الإلمام بتشكك الأيونيين (٢٧). ومن مضحكات التاريخ أن هاتين الملحمتين اللتين تخصان الآلهة الأولمبية بدور الهازلين، وتجعلان هذا الدور أهم أدوارها، إن من مضحكات التاريخ أن هاتين الملحمتين كانتا موضع الإجلال في بلاد اليونان كلها، وكانتا تعدان دعامة الخلق القويم والعقيدة المحترمة. ولكن هذا التناقض اتضح للناس آخر الأمر، وقضى ما فيها من هزل على ما توحيان به من عقيدة، وثارت أخلاق الناس بعد تطورها على أخلاق الآلهة وحلت محلها.