جوادان أو أربعة جياد تسير جنباً إلى جنب. وكثيراً ما كان يشترك في المباراة الواحدة عشر مركبات في كل منها أربعة جياد، وكان على كل مركبة أن تدور حول الأنصاب المقامة في الحلبة ثلاثاً وعشرين دورة في آخر السباق، ولذلك فإن حوادث خطيرة كانت تحدث وقتئذ، وكانت هذه الحوادث أهم ما يثير المشاعر في الألعاب. وقد حدث في سباق منها بدأ بأربعين مركبة أن لم تتمه إلا مركبة واحدة. وفي وسعنا أن نتصور اهتياج النظارة وجدلهم حول من يناصرون، وأسفهم وهم منفعلون حينما يطوف الظافرون آخر طواف لهم حول الأنصاب.
فإذا انتهت هذه المباريات المجهدة بعد خمسة أيام كاملة، نالوا جوائزهم، ولف كل منهم عصابة من الصوف حول رأسه، ثم وضع المحكمون على هذه العصارة إكليلاً من أوراق الزيتون البري وأغصانه، ونادى مناد أسماء الظافرين وأسماء مدنهم. وكان هذا الإكليل النباتي هو الجائزة الوحيدة التي تعطى في الألعاب الأولمبية، ولكنه مع ذلك كان الشرف الذي يبذل المتبارون في بلاد اليونان أقصى جهودهم ليظفروا به. وقد بلغ من أهمية هذه الألعاب وحرص اليونان عليها أن الغزو الفارسي نفسه لم يحل بينهم وبين إقامتها، فبينما كانت حفنة من اليونان تقف في وجه خشيارشاي في ترموبيلي كانت آلاف مؤلفة منهم تشهد كعادتها ثيجنيس Theagenese الثاسوسي، في اليوم الذي دارت فيه المعركة، يظفر بإكليل ألعاب القوى المجتمعة. وصاح جندي فارسي في وجه قائده يقول:"رباه! أي صنف من البشر أولئك الأقوام الذي أتيت بنا لنقاتلهم؟ - إنهم رجال لا يقاتل بعضهم بعضاً من أجل المال بل من أجل الشرف! (٤٦) ". وما من شك في أن هذا الجندي الفارسي، أو اليوناني الذي اخترع القصة، قد جاوز الحد في الثناء على اليونان بقوله هذا، وليس ذلك لأنه كان من واجبهم أن يكونوا في ذلك اليوم في ترموبيلي بدل أن يكونوا في أولمبيا فحسب، بل لهذا السبب ولغيره من الأسباب؛ ذلك أن الظافرين كانوا يحصلون على جوائز أخرى كبيرة من طريق غير مباشر