ويربط حبلاً حول جبهته ثم يقطع الحبل بوقف نَفَسُه ودفع الدم إلى رأسه. وقضت عليه مواهبه هذه آخر الأمر "ذلك أنه التقى مصادفة بشجرة ذابلة كما يقول بوزنياس "دقت فيها أوتاد لتفصل خشبها بعضه عن بعض، فخيل إليه أن يفصل هذا الخشب بيديه، ولكن الأوتاد انخلعت من الشجرة وانطبق خشبها عليه، وافترسته الذئاب" (٤٣).
وكانت الألعاب تشمل فضلاً عن السباق السريع القصير المدى مسابقات أخرى في العدو، منها مسابقة طولها أربعون ياردة، وأخرى طولها أربعة وعشرون شوطاً (١) أو ميلان وثلثا ميل، ومنها سباق مسلح يحمل كل عداء فيه ترساً، وليس لدينا ما نستدل منه على الأرقام القياسية في هذه المسابقات. وكان الشوط يختلف باختلاف المدن، ولم يكن لدى اليونان آلات يقيسون بها أجزاء الزمن الصغيرة. وتحدثنا الأقاصيص عن عداء يوناني كان يسبق الأرنب، وعن آخر سابق جواداً من كرونيا إلى طيبة (حوالي عشرين ميلاً) وسبقه، وعن فيدبديس Pheidippides الذي جرى من أثينة إلى إسبارطة - ١٥٠ ميلاً - في يومين (٤٤)، ونقل إلى أثينة بشرى النصر في مرثون التي تبعد عنها أربعة وعشرين ميلاً، ثم مات متأثراً بما عاناه من التعب. ولكن بلاد اليونان لم تكن فيها "مسابقات مرثونية".
وقد أنشأت أولمبيا في السهل الواقع في أسفل الملعب مضماراً لسباق الخيل خاصة. وكان للنساء والرجال على السواء أن يتقدموا بخيولهم إلى هذا السباق، وكانت الجائزة في ذلك الوقت تعطى لصاحب الجواد - كما هي الحال في وقتنا هذا - لا لراكبه، وإن كان الجواد في بعض الأحيان يجازى بأن يقام له تمثال (٤٥)، وكانت آخر المباريات هي مباراة المركبات، وكان يجر كل مركبة
(١) الشوط مقياس يوناني طوله عادة ٦٠٠ قدم يونانية أو ٥٨٢ قدماً إنجليزية ولكنه كان يختلف باختلاف المدن (المترجم).