ما يكون بعد أن فتحت مصر أبوابها للتجارة اليونانية حوالي عام ٦٦٠ ق. م، وكان حجر الجير المادة الشائعة الاستعمال في أنماط البناء الجديدة قبل القرن السادس، ثم بدأ استعمال الرخام حوالي عام ٥٨٠، وكان يستخدم أول الأمر في الأجزاء التي يزين بها الهيكل، ثم استخدم بعدئذ في تشييد واجهته، واستخدم آخر الأمر في بناء الهيكل كله من قاعدته إلى سقفه.
وفي بلاد اليونان نشأت (مراتب) العمارة الدورية، والأيونية، ثم الكورنثية في القرن الرابع قبل الميلاد. وإذ كان داخل الهيكل مخصصاً للإله والكهنة القائمين على خدمته، وكانت العبادات كلها تؤدى في خارجه، فقد استخدمت (المراتب) الثلاث كلها في تجميل الهيكل من خارجه وجعله ذا روعة ومهابة. وكان ذلك التجميل يبدأ من الأرض نفسها، وهي عادة مكان مرتفع، فيبنى الأساس من طبقتين أو ثلاث طبقات من الحجارة كل منها أقل مساحة من التي تحتها، وفوق الطبقة العليا مباشرة يقوم العمود الدوري دون أن تكون له قاعدة خاصة- ويزدان بحزوز ضحلة، محدودة الجوانب، ثم يتسع العمود اتساعاً ظاهراً في وسطه ويتكون منه ما يسميه اليونان (إمتداداً) له. ثم تقل سعة العمود الدوري بعض الشيء كلما قرب من قمته، فيكون أشبه بالشجرة ومناقضاً للطراز المينوي- الميسيني (وجسم العمود الذي لا تنقص سعته- وأسوأ منه الذي يضيق كلما اتجه إلى أسفل- يبدو ثقيلاً في أعلاه غير جميل في منظره، على حين أن القاعدة المتسعة، تزيد شعور الإنسان باستقرار العمود، وهو الشعور الذي يجب أن تبعثه في النفس جميع العمائر. على أن العمود الدوري قد يكون مفرطاً في الثقل، مفرطاً في سمكه بالنسبة إلى ارتفاعه مغرقاً في الصلابة والقوة إغراقاً يدل على البلاهة)، وفي أعلى العمود الدوري يقوم تاجه البسيط القوي ويتكون من (عنق) أو رباط مستدير، وبروز دائري محدب كأنه