للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وسادة يرتكز عليها التاج وفي أعلاه التاج المربع نفسه وقد اتسع ليقوى العمود على تحمل العارضة.

وبينما كان هذا الطراز من البناء ينمو ويتطور على أيدي الدوريين ويتكيف في أغلب الظن بأبهاء العمد التي في الدير البحري وبني حسن المتقدمة على العصر الدوري كان اليونان الأيونيون يبدلون هذا الشكل الأساسي نفسه بتأثير الطرز الآسيوية ونشأ من هذا التطور طراز أيوني يقوم فيه عمود رفيع على قاعدة لها خاصة ويبدأ من أسفلها كما ينتهي في أعلاه بطوق ضيق وكان في العادة أكثر ارتفاعاً وأصغر قطراً من جسم العمود الدوري وكان ما فيه من نقص في سمكه من أسفل إلى أعلى قليلاً لا تكاد العين تدركه. أما الحزوز فكانت غائرة، نصف دائرية تفصلها بعضها عن بعض أطراف منبسطة، وكان رأس تاج العمود الأيوني يتكون من وسادة محدبة ضيقة، ويعلوها تاج أضيق منها، وبينهما تبرز تلفيفة لولبية مزدوجة تكاد تخفيهما عن العين كأنها ملف مطبوق نحو الداخل. وذلك عنصر مأخوذ عن الأشكال الحثية، والآشورية، وغيرهما من الأشكال الشرقية (٦٤). وهذه الخواص إذا أضيفت إليها النقوش البديعة المحكمة التي في الأروقة لا يستبين منها الرائي طرازاً في العمارة فحسب، بل يستبين منها كذلك خواص صنف من الناس: فهل تمثل في الحجارة ما يمتاز بها الأيونيون من وضوح، ودماثة، وقوة عاطفة، ورشاقة، وولع بالتفاصيل الرقيقة؛ كما أن الطراز الدوري يعبر عن تحفظ الدوريين وكبريائهم، وضخامتهم وقوتهم، وبساطتهم الصارمة؛ ولقد كانت تماثيل الجماعات اليونانية المتنافسة، وآدابها وموسيقاها، وأخلاقها، وثيابها، تختلف لتنسجم مع أنماط عمارتها؛ فالعمارة الدورية رياضة، والعمارة الأيونية شعر، وكلتاهما تنشد الخلود في الحجارة؛ والأولى " نوردية " أما الثانية فشرقية، وهما معا تكونان الذكورة والأنوثة في صورة متناسقة منسجمة في جوهرها.