والدين، والحرب، وثيقة الاتصال بالموسيقى؛ وكان للنغمات الحربية شأن عظيم في التدريب العسكري، وكان كل ما يحفظ أو جُلّه يلقن شعراً. وقبل أن يحل القرن الثامن قبل الميلاد كانت الموسيقى اليونانية قد أصبحت من الفنون القديمة وأصبح لها مئات الأنواع والأشكال.
أما آلاتها فكانت بسيطة، وكانت الأسس التي تقوم عليها هي بعينها الأسس التي تقوم عليها في هذه الأيام: القرع، والنفح، والأوتار. فأما القرع فلم تكن آلاتها واسعة الانتشار. وقد ظل الناي شائع الاستعمال في أثينة حتى سخر السبيديس من خدي معلمه المنفوخين وأبى أن يستخدم هذه الآلة السمجة، وتزعم حركة مقاومتها بين شباب اليونان. (هذا إلى أن البؤوتيين، كما يزعم الأثينيون كانوا أبرع منهم في استخدام الناي، ولهذا كانوا يعدون هذا الفن من الفنون المرذولة (٦٦). وكان الناي البسيط قصبة من الغاب، أو الخشب المثقوب، ذات مبسم منفصل عنها، ومثقوبة بثقوب لأصابع يتراوح عددها بين اثنين وسبعة، يمكن أن توضع فيها غمازات تعدل درجة الصوت. وكان بعض الموسيقيين يستخدمون الناي المزدوج- ويتكون من ناي (ذكر) أو غليظ النغمة في اليد اليمنى وناي (أنثى) أو رفيع النغمة في اليسرى، يرتبط كلاهما بالفم برباط حول الخدين، وينفخ فيهما معا في توافق بسيط. ثم أوصل اليونان الناي بكيس قابل للتمدد فأوجدوا بذلك موسيقى القرب؛ وجمعوا عدداً منها وكونوا منها ما يعرف بأنبوبة بان؛ ثم أطالوا طرف الناي وسدوا ثقوب الأصابع فكان البوق (٦٧). ويقول بوزنياس إن موسيقى الناي كانت في العادة مقبضة، وكانت تستخدم على الدوام في ترانيم الدفن والمراثي؛ ولكننا لا نظن أن الأولترداي Auletredai او الفتيات اليونانيات السامرات النافخات في الناي كن مبعث الكآبة والانقباض. أما الآلات الوترية فكان العزف عليها مقصوراً على شد الأوتار بالأصابع أو المنقر ولم يكن العازف ينحني