للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العادة القديمة فيضيف إليها فصلاً رابعاً هو عبارة عن مسرحية قصيرة تعرض فيها جنيات الغاب تكريماً لديونيسس. وفي هذا يقول أرسطاطاليس (٩٩): "وإذ كانت المأساة قد تطورت عن مسرحية جن الغابات فإنها لم ترتفع من الحبكات القصيرة، والعبارات المضحكة، إلى مكانتها الرفيعة الكاملة إلا في زمن متأخر جداً". وما من شك في أن عوامل أخرى كان لها شأن في نشأة المأساة، وأن هذه العوامل قد قويت وظهر أثرها في ذلك الوقت؛ لعلها قد استمدت شيئاً من عبادة الموتى واسترضائهم (١٠٠)، ولكن أهم ما استمدت منها منذ نشأتها هو الحفلات الدينية الرمزية كتمثيل مولد زيوس في كريت أو أرجوس أو ساموس، وكزواجه الرمزي بهيرا؛ أو حفلات دمتر وبرسفوني في إليوسيس وغيرها؛ وأهم من هذا كله ما كان يحدث في البلوبونيز وأتكا من حزن ومرح لموت ديونيسس وبعثه، وكان يطلق على هذه المحاكاة اسم Dromena- أي أشياء تعمل، ولفظ دراما Drama ذو صلة بهذا الاسم ومعناه- أو ما يجب أن يكون معناه- "العمل". وقد ظلت فرق الغناء في سكيون حتى أيام الطاغية كليسثنيز تحيي ذكرى "عذاب أدراستوس Adrastus" ملكها القديم. وفي إيكاريا Icaria التي شب فيها ثسبيس كان يضحي بعنز لديونيسس؛ ولعل "أغنية العنز" الذي اشتق منها اسم المأساة اليوناني كانت أغنية تغني حين تقطيع هذا الرمز أو هذا التجسيد للإله الثمل (١٠١). وقصارى القول أن المسرحية اليونانية كالمسرحية الإنجليزية استمدت أصلها من الطقوس الدينية.

ويُرى من هذا أن المسرحية الأثينية، مأساة كانت أو ملهاة، كانت تمثل على أنها جزء من حفلات ديونيسس بإشراف الكهنة في دار التمثيل تسمى باسمه، وعلى يد الممثلين يسمون "الفنانين الديونيسيين". وكان يؤتى بتمثال ديونيسس إلى مكان التمثيل، ويوضع أمام المسرح لكي يستمتع بمشاهدة التمثيل؛ وقبل البدء به يضحى بحيوان للإله. وكان لدار التمثيل ما للمعبد من قداسة. فإذا