للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما تبين أنه مهزوم لا محالة، ألقى بنفسه في النار. وأقيم له قبر في تلك البقعة نفسها، وفيها قتل حفيده هملكون Himilcon بعد سبعين عاماً من ذلك الوقت ثلاثة آلاف يوناني انتقاماً منهم لجده (٣٠).

وبعد عام واحد (أغسطس سنة ٤٧٩) تم تحرير بلاد اليونان على أثر معركتين إحداهما بحرية والأخرى برية حدثتا في وقت واحد تقريباً. ذلك أن جيش مردنيوس- وكان يعيش مطمئناً من خيرات البلاد- كان قد ضرب خيامه قرب بلاتيه في سهول بؤوتية. وهناك اشتبكت معه قوة يونانية قوامها ٠٠٠ ر ١١٠ رجل بقيادة بوزنياس ملك إسبارطة، بعد أن ظلت أسبوعين في انتظار فأل طيب يبشر بالنصر. ودارت بينهما معركة كانت أعظم المعارك البرية في هذه الحرب. ولم يكن الجنود الأجانب في جيش الفرس متحمسين للقتال، وما كادوا يرون الفرقة الفارسية التي تلقت الضربة الأولى من ضربات المهاجمين تتزلزل أقدامها، حتى ولوا الأدبار. وانتصر اليونان على الفرس انتصاراً مؤزراً لم يخسروا فيه (حسب أقوال مؤرخيهم) سوى ١٥٩ رجلاً، بينما كان عدد القتلى من الجيش الفارسي ٠٠٠ ر ٢٦٠ (١). وفي اليوم نفسه- كما يؤكد اليونان- التقت عمارة بحرية يونانية بقسم من الأسطول الفارسي أمام شاطئ ميكالي وسط الجزائر الأيونية كلها وملتقى مسالكها، ونشبت بين الأسطولين معركة تحطم فيها الأسطول الفارسي، وتحررت المدن الأيونية من نير الفرس، واستعاد اليونان سيطرتهم على الهلسبنت والبسفور، كما استعادوا هذه السيطرة من طروادة قبل ذلك الوقت بسبعمائة عام.


(١) لا حاجة إلى القول بأن هذه الأرقام التي يذكرها هيرودوت إنما أملتها عليه فورة من فورات الخيال الوطني. وحاول بلوتارخ أن يكون نزيهاً في إيراده للحوادث فرفع خسارة اليونان إلى ١٣٦٠، ونزل ديودور الصقلي- وهو الرجل الكريم على الدوام فيما يذكر من الأرقام- بخسارة الفرس إلى ٠٠٠ ر ١٠٠. ولكن بلوتارخ وديودور نفسهما كانا من اليونان.