للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليونانية في آسية وبحر إيجة اتحاد ديلوس بزعامة أثينة وتبرعت كلها بمقدار من المال أودع في هيكل أبلو في ديلوس. وأمدت أثينة هذا الاتحاد بالسفن بدل المال فلم تلبث لهذا السبب أن أصبحت لها الزعامة عليه بفضل قوتها البحرية، ولم يلبث اتحاد الأنداد أن استحال إلى إمبراطورية أثينية.

وانضم كبار الساسة الأثينيون جميعهم ومنهم الرجل الفاضل أرستيديز والرجل المنزه الطاهر بركليز إلى ثمستكليز الذي لا ضمير له في هذه السياسة الجديدة، سياسة التوسع الاستعماري. ولم تكن أثينة مدينة لإنسان ما بمثل ما كانت مدينة به لثمستكليز، ولم يكن أحد من رجالها أكثر منه تصميماً على أن ينال جزاء ما قدمه لها. فلما أن اجتمع زعماء اليونان ليقترحوا مكافأة أولئك الرجال الذين أظهروا كفاية ممتازة في الدفاع عن البلاد اقترح كل منهم لنفسه أولاً ولثمستكليز ثانياً. وكان هو الذي سَيَّرَ تاريخ اليونان في المجرى الذي سار فيه بعدئذ، وذلك بأن أقنع أثينة أن البحر لا البر والتجارة لا الحرب هما سبيل السيطرة والسيادة، ومن أجل هذا أخذ يفاوض في بلاد الفرس ويسعى إلى وضع حد للنزاع القائم بين الإمبراطورية الهرمة والإمبراطورية الفتية حتى تزول العقبات القائمة في سبيل الاتجار مع آسية ويعم الرخاء أثينة. وقد حشد رجال أثينة - بل ونساءها وأطفالها - لإقامة سور حول المدينة وسور آخر حول ثغري بيرية Piraeus ومنيشية Muniychia، ووضع الخطة التي نفذها بركليز لإقامة أرصفة عظيمة، ومخازن، ومصافق في بيرية تسهيلاً للتجارة البحرية. وكان يعرف أن هذه السياسة ستثير الغيرة والحسد في نفس إسبارطة، وقد تؤدي إلى نشوب الحرب بين الدول المتنافسة، ولكنه كان يسعى لرقي أثينة وتقدمها، وكان هذا الأمل ووثوقه بقوة الأسطول الأثيني يدفعانه إلى العمل دفعاً.

وكان في أهدافه من العظمة بقدر ما في وسائله من الانحطاط فقد استخدم الأسطول لإرغام جزائر سكلديس على أداء الجزية له بحجة أن هذه