المهذبين من نصيبه في الأموال العامة، على ألا ينالوا نصيبهم هذا وهم متعطلون لا يفعلون شيئاً، ومن أجل هذا وضع البرنامج الضخم للمنشآت العامة" (١٧). أما المال اللازم لهذه المشروعات فقد حصل عليه بأن اقترح نقل ما تجمّع من الأموال في خزانة حلف ديلوس من هذه البلدة غير المأمونة، بعد أن ضل فيها زمناً طويلاً لا ينتفع منه بشيء، وأن يستخدم ما لا يحتاج إليه منه للدفاع المشترك عن البلاد اليونانية في تجميل المدينة التي يرى بركليز أنها هي العاصمة الشرعية للإمبراطورية الصالحة الخيرة.
وكان نقل خزانة حلف ديلوس إلى أثينة عملاً صالحاً في نظر الأثينيين جميعاً بما فيهم الألجركيون. ولكن الناخبين ترددوا في السماح بإنفاق أي قدر كبير من الأموال لتجميل المدينة - وقد يكون الباعث لهم على هذا عدم ارتياح ضمائرهم إلى هذا العمل، أو أنهم كان يخالجهم أمل خفي في أن يحصلوا بطريقة أقرب من طريقة بركليز وأيسر منها على هذه الأموال لينفقوها في قضاء حاجاتهم وفي ملذاتهم. وكان زعماء الحزب الألجركي مهرة في الاستفادة من هذا الشعور، فلما أن اقترب اليوم الذي سيعرض فيه هذا الأمر على الجمعية لتقترع عليه بدا أنها سترفضه لا محالة.
ويحدثنا بلوتارخ عن الطريقة الماكرة التي حول بها بركليز هذا التيار إلى صالحه فيقول: "وقال بركليز: حسن جداً، فلتذهب نفقات هذه المنشآت إلى جيبي أنا لا إلى جيوبكم، ولينقش عليها اسمي لا اسمكم، فلما سمعوا قوله هذا نادوه بأعلى أصواتهم أن ينفق المال … وأن لا يقف عن الإنفاق حتى ينفذ عن آخره، ولسنا نعرف أكان هذا لأنهم دهشوا من عظمته النفسية أم لأنهم أرادوا أن يكون لهم فضل القيام بهذه الأعمال".
وبينما كانت هذه الأعمال قائمة على قدم وساق، وكان بركليز يبسط معونته وحمايته لفدياس، وإكتنوس Ictinus، ونسكليز Mnesicles وغيرهم من الفنانين الذين كانوا يكدحون لتحقيق أحلامه، كان هو يناصر الأدب والفلسفة؛