لكن أثينة كان فيها مصارف مالية لاقت صِعاباً شديدة في توطيد دعائمها لأن الذين لم تكن بهم حاجة إلى القروض ينددون بالربا ويرونه جريمة (١)، ويتفق معهم الفلاسفة في هذا الحكم. وكان الأثيني العادي في القرن الخامس ممن يكنزون المال، فكان إذا ادخر شيئاً منه آثر أن يُخبئه بدل أن يودعه في المصارف. وكان بعض الناس يقرضون مدخراتهم نظير رهون بفائدة تتراوح بين ١٦، ١٨ في المائة، ومنهم مَن يقرضونها من غير فائدة إلى أصدقائهم، أو يودعونها في خزائن الهياكل. وكانت الهياكل تعمل عمل المصارف فتقرض المال إلى الأفراد والحكومات بفائدة معتدلة، وكان هيكل أبلو في دلفي إلى حد ما مصرفاً دولياً لجميع بلاد اليونان. ولم تكن الحكومات تقترض من الأفراد، ولكن الدول كانت في بعض الأحيان يقرض بعضها بعضاً. وفي القرن الخامس بدأ مبدل النقود الجالس أمام منضدته (يقبل المال وديعة لديه، ويقرضه للتجار بفوائد يتراوح سعرها بين ٢، و ٣٠ في المائة حسب ما تتعرض له من الأخطار. وبهذهِ الطريقة أصبح ذلك الصراف مصرفياً، وإن كان قد احتفظ إلى آخر تاريخ اليونان باسمه الأول) صاحب المنضدة Trapezite (. وقد أخذ أساليبه عن بلاد الشرق الأدنى، وحسّنها، ونقلها إلى رومة فأسلمتها هذهِ إلى أوربا الحديثة. وما كادت الحرب الفارسية تضع أوزارها حتى أودع ثمستكليز سبعين وزنة) ٢٤٠. ٠٠٠ ريال أمريكي (عند فيلوستفانوس المصرفي، بنفس الطريقة التي يعمل بها المغامرون السياسيون لدينا هم في هذهِ الأيام وهذهِ أول إشارة معروفة للأعمال المصرفية خارج المعابد في
(١) ليس الفلاسفة والذين لا يحتاجون إلى القروض هم وحدهم الذين يعدون الربا جريمة، بل إن كثيرين من علماء الاقتصاد في هذه الأيام يرون فيه أضراراً كثيرة تزيد على منافعه وهم يؤيدون برأيهم هذا ما جاءت به الأديان السماوية. (المترجم)