والبرنز من اترويا؛ والعاج من بلاد الحبشة؛ والعطور والأدهان من بلاد العرب؛ والرقيق من ليديا وسوريا وسكوذيا. ولم تكن المستعمرات أسواقاً فحسب، بل كانت فوق ذلك وكالات شحن ترسل البضائع الأثينية إلى الداخل، ومع أن مدائن أيونيا قد اضمحلت في القرن الخامس قبل الميلاد لأن التجارة التي كانت تمر بها من قبل تحولت إلى البروبنتس وكاريا أيام الحرب الفارسية وبعدها، فإن إيطاليا وصقلية قد حلتا محلها وأصبحت بلادهما ثغوراً لتصدير ما زاد عن الحاجة من غلات بلاد اليونان الأصلية وسكانها، وفي وسعنا أن نقدر قيمة تجارة بحر إيجة الخارجية إذا عرفتا أن حصيلة ضريبة الخمسة في المائة المفروضة على صادرات مدن الإمبراطورية الأثينية ووارداتها قد بلغت في عام ٤١٣ ألفاً ومائتي وزنة، ومعنى هذا أن التجارة قد بلغت قيمتها ١٤٤. ٠٠٠. ٠٠٠ ريال أمريكي في ذلك العام.
وكان الخطر الكامن وراء هذا الرخاء هو اعتماد أثينة اعتماداً متزايداً على الحبوب المستورة من خارجها؛ ومن ثم كان حرصها على السيطرة على مضيق الهلسبنت والبحر الأسود، وإصرارها على استعمار السواحل والجزائر الواقعة في طريقها إلى المضايق، وحملتها المشئومة على مصر عام ٤٥٩، وعلى صقلية في عام ٤١٥. واعتمادها هذا هو الذي أغراها بتحويل حلف ديلوس إلى إمبراطورية أثينية؛ ولما أن دمر الأسبارطيون الأسطول الأثيني في مضيق الهلسبنت عام ٤٠٥، كان لابد أن تعاني أثينة آلام الجوع وأن تستسلم نتيجة لهذا التدمير. غير أن هذه التجارة هي التي جلبت الثراء لأثينة، وكانت مع خراج إمبراطوريتها عماد رقيها الثقافي، ذلك أن التجار الذين كانوا ينتقلون مع بضائعهم إلى جميع بقاع البحر الأبيض المتوسط كانوا يعودون إليها بنظرات إلى