جميع ما يحتاجهُ تقريبا- إلى الاقتصاد الحضري- الذي تصنع فيهِ كل مدينة جميع ما تحتاجه تقريبا- ثم إلى الاقتصاد الدولي- الذي تعتمد فيهِ كل دولة على ما تستورده من غيرها، والذي لا بد لها فيه أن تصدر من السلع ما تؤدي به أثمان وارداتها. واستطاع الأسطول الأثيني مدى جيلين من الزمان أن يجعل البحر مطهراً من القراصنة، ولهذا ازدهرت التجارة من عام ٤٨٠ إلى ٤٣٠ كما لم تزدهر في المستقبل إلا بعد أن قضى بمبي على القرصنة في عام ٦٧. وكانت أرصفة بيرية، ومخازنها، وأسواقها ومصارفها تقدم للتجارة كل ما تستطيعهُ من أسباب التيسير؛ وسرعان ما أضحى هذا الثغر النشيط العامل أهم مراكز التصدير وإعادة الشحن للتجارة المتبادلة بين الشرق والغرب. وفي ذلك يقول إسقراط:" لقد كان من اليسير أن يبتاع الإنسان في أثينة جميع ما يصعب عليهِ أن يجدهُ إلا في أماكن متفرقة سلعة منه في هذه المدينة وسلعة في تلك ". ويقول توكيديدس " إن عظمة مدينتنا تجذب غلات العالم كله إلى مرفئنا، حتى أصبحت ثمار البلاد الأخرى من مواد الترف المألوفة للأثيني كثمار بلده نفسه ". وكان التجار يحملون من بيرية ما تنتجه حقول أتكا وحوانيتها من الخمور، والزيت، والصوف، والمعادن، والرخام، والخزف، والأسلحة، ومواد الترف، والكتب، والتحف الفنية؛ ويأتون إلى بيرية بالحبوب من بيزنطية، وسوريا، ومصر، وإيطاليا، وصقلية؛ وبالفاكهة والجبن من صقلية وفينيقية، وباللحوم من فينيقية وإيطالية؛ والسمك من البحر الأسود؛ والنُّقل من بفلاجونيا؛ والنحاس من قبرص؛ والقصدير من إنجلترا؛ والحديد من شواطئ بحر البنتس؛ والذهب من ثاسوس وتراقية؛ والخشب من تراقية وقبرص؛ والأقمشة المطرزة من بلاد الشرق الأدنى؛ والصدف والكتان والأصباغ من فينيقية؛ والتوابل من قورينة؛ والسيوف من خلقيديا؛ والزجاج من مصر؛ والقرميد من كورنثة؛ والأسرة من طشيوز وميليطس؛ والأحذية