كانوا إذا قربت منيتهم يكافئون أشد عبيدهم إخلاصاً بعتقهم. كذلك كان العبد يُعتق أذا افتداه أهله أو أصدقاؤه كما حدث لأفلاطون، أو افتدته الدولة نفسها من سيده نظير خدماته لها في الحرب؛ وقد يبتاع هو نفسه حريته بما يدخره من الأبولات. وكان العبد المحرر يعمل، كما يعمل الغريب السالف الذكر، في الصناعة والتجارة والشؤون المالية. وكان أقل ما يقوم به من الأعمال شأناً هو أداء عمل العبد نظير أجر؛ وكان أعظم ما يبلغه هو أن يكون صاحب إحدى الصناعات. فقد كان ميلياس Mylias مثلاً هو المشرف على مصنع الأسلحة الذي يمتلكه دموستين؛ وأصبح باسيون، وفورميو أغنى رجال المصارف في اثينة. وكان أهم الأعمال التي تُظهر قيمة العبد المحرر هي الأعمال التنفيذية، وذلك لأن أقسى الناس على العبيد هو الذي نشأ في ظل العبودية ولم يعرف طول حياته إلا الظلم والاستبداد.
وكان من تحت هذه الطبقات الثلاث- طبقات المواطنين والغرباء والمعاتيق- عبيد أتكا البالغ عددهم ١١٥. ٠٠٠ عبد (١). وهؤلاء العبيد إما أسرى حرب، أو ضحايا غارات الاسترقاق، أو أطفال أنقذوا وهم معرضون في العراء، أو أطفال مهملون، أو مجرمون. وكانت قلة منهم في بلاد اليونان يونانية الأصل؛ وكان الهليني يرى أن الأجانب عبيد بطبعهم لأنهم يبادرون بالخضوع إلى الملوك، ولهذا لم يكن يرى في استعباد اليونان لهؤلاء الأجانب ما لا يتفق مع
(١) ومرجعنا في هذا الرقم هو جم Gomme. وربما كان عددهم أكبر من هذا كثيراً: فسويداس Suidas يقدر عدد العبيد الذكور وحدهم بمائة وخمسين ألفاً معتمداً في تقديره هذا على خطبة معزوة إلى هيبريدس ألقيت في عام ٣٣٨، وإن لم تكن نسبتها إليه موثوقاً بصحتها. ويقول أثينيوس، وهو ممن لا يعتمد كثيراً على أقوالهم، إن تعداد سكان أتكا الذي أجراه دمتريوس فاليريوس حوالي عام ٣١٧ يقدر المواطنين بواحد وعشرين ألفاً، والغرباء بعشرة آلاف، والمحررين والأرقاء بأربعمائة ألف. ويقدر تيميوس حوالي عام ٣٠٠ عبيد كورنثة بأربعمائة وستين ألفاً، ويقدر أرسطو حوالي عام ٣٤٠ عبيد إيجينا بأربعمائة وسبعين ألفاً. ولعل السبب في ضخامة هذه الأعداد أنها تشمل العبيد الذين كانوا يعرضون للبيع عرضاً مؤقتاً في أسواق الرقيق القائمة في كورنثة؛ وإيجينا وأثينة.