والتجارة بفرض سعر مرتفع لفائدة القروض التي يقدمها لأصحاب الصناعات والتجار. وقام زعماء الجماهير المحترفون يبينون للفقراء ما في توزيع الثروة بين الناس من غبن، ويخفون عنهم عدم المساواة في كفاياتهم من الناحية الاقتصادية؛ وأخذ الفقير بعد أن أبصر بعينيه ثراء المثرين يحس بفقرهِ ويطيل التفكير في ميزاته التي لا يُجزى عليها الجزاء الأوفى، ويحلم بقيام الدول المثالية. ومن ثم كانت الحرب بين طبقة وطبقة، وهي الحرب التي استعرت نارها في جميع الدول اليونانية، والتي كانت أشد هولاً من الحرب بين اليونان والفرس، أو بين أثينة واسبارطة.
وبدأت هذه الحرب في أتكا بالنزاع بين الأغنياء المحدثين والأشراف أصحاب الأراضي الزراعية؛ ذلك أن الأسر الغنية كانت لا تزال تحب الأرض، وتحب أن تقضي معظم حياتها في ضياعها، وكان تقسيم الأرض بين الأبناء وأبناء الأبناء خلال الأجيال الطويلة قد قلل مساحة ما يملكه كل واحد منها.) فلم يكن ألسبيديز الثري مثلاً يملك أكثر من سبعين فداناً (. وكان مالك الأرض في معظم الأحوال يعمل بنفسهِ في أرضه أو يشرف على إدارة أملاكه، وكان هذا الشريف فخوراً بنفسهِ وأصله وإن لم يكن غنياً بمالهِ، فكان يضيف اسم أبيه إلى اسمهِ ليكون ذلك من ألقاب الشرف له، ويبتعد قدر استطاعته عن طبقة التجار الوسطى التي كانت تستحوذ شيئاً فشيئاً على ثروة أثينة التجارية الآخذة في النماء. غير أن زوجته كانت تلح عليه أن يكون له بيت في المدينة لتستمتع بما في العاصمة من الحياة المتنوعة وبما تتيحه من فرص، وكانت بناته يرغبن في أن يعشن في أثينة، ليتصيدن لهن أزواجاً أثرياء، وكان أبناؤه يرجون أن يجدوا فيها الخليلات ويقيموا المآدب المرحة كما يفعل الأغنياء المحدثون. وإذ لم يكن في مقدور الأشراف ملاك الأراضي أن ينافسوا التجار والصناع في ترفهم فقد رضوا بهم أو بأبنائهم أزواجاً لأولادهم وبناتهم، وكان هؤلاء التجار والصناع راغبين في أن يتسنموا ذُرى