الطبيعة البشرية. وحددت الحكومة مقادير الصادرات، وسنت قوانين صارمة للحد من جشع التجار والصناع ومعاقبتهم على ما يرتكبون، وفرضت رقابة شديدة على تجارة الحبوب؛ وأصدرت قوانين صارمة لمنع تخزين السلع والتحكم في الأسواق، فحرّمت شراء أكثر من خمسة وعشرين بُشِلاً من القمح دفعة واحدة وأجازت الحكم بالإعدام على مَن يرتكب هذهِ الجريمة. ومنعت إقراض المال على البضائع الخارجة من البلاد إلا إذا حملت السفن في عودتها حبوباً إلى ثغر بيرية، وأوجبت على السفن المملوكة لأهل أثينة والمشحونة بالحبوب أن تأتي بحمولتها إلى بيرية؛ ومنعت تصدير أكثر من ثلث الحبوب التي تصل إلى هذا الثغر. وحرصت أثينة أشد الحرص على ألا ترتفع أثمان الخبز فوق طاقة المستهلكين، وألا يثرى الناس إثراءً فاحشاً من جراء جوع الشعب، وألا يموت أحد من الأثينيين جوعاً، وكانت وسيلتها إلى هذا الاحتفاظ برصيد كاف من الحبوب في مخازن تملكها الدولة، وإغراق السوق بهذهِ الحبوب المخزونة حين ترتفع الأثمان ارتفاعاً سريعاً. ووضعت الدولة قواعد تنظم بها الثروة عن طريق الضرائب والخدمات العامة، وأقنعت الأغنياء أو ألزمتهم أن يتبرعوا بالمال إلى الأسطول وإلى دور التمثيل، وأن يقدموا للدولة المال الذي تساعد به الفقراء من الوجهة النظرية على مشاهدة المسرحيات والألعاب. وفيما عدا هذا كانت أثينة تحمي حرية التجارة، والمكلية الفردية، وفُرَص الكسب، لاعتقادها أنها هي الأدوات الضرورية للحرية الإنسانية، وأنها أقوى حافز على النشاط الصناعي والتجاري، وأكبر عامل على ازدياد الرخاء.
وبفضل هذا النظام ذي النزعة الاقتصادية الفردية، تخفف من حدتها