يقطع الصلة بين العروس وأقاربها، فتذهب لتعيش عيشة لا تكاد تختلف عن عيشة الخدم في بيت غير بيتها، تعبد فيه آلهة غير آلهتها. ولم يكن في مقدورها أن تتعاقد على شيء أو أن تستدين أكثر من مبلغ تافه أو أن ترفع قضايا أمام المحاكم. ومن شرائع صولون أن العمل الذي يقوم به إنسان تحت تأئير المرأة عمل باطل قانوناً (١١٠)؛ وإذا مات الزوج لم ترث زوجته شيئاً من ماله. وحتى العيب الفسيولوجي في أمور التناسل يعد سبباً مشروعاً لإخضاعها للرجل؛ فبينما كان جهل الرجل في الأزمنة البدائية بدوره في أمور التناسل يؤدي إلى رفع شأن المرأة، نرى النظرية السائدة في عصر اليونان الزاهر ترفع من شأن الرجل بتقريرها أن قوة التناسل يختص بها الرجل وحده، وأن المرأة لا تعدو أن تكون حاملاً للطفل ومرضعاً له (١١١). وكان كبر سن الرجل عن المرأة وقت الزواج من أسباب خضوع المرأة، فقد كانت سنه في ذلك الوقت ضعفي سنها، وكان في وسعه إلى حد ما أن يشكل عقلها حسب آرائه وفلسفته في الحياة. وما من شك في أن الرجل كان يعرف ما يتمتع به الرجال من حرية في المسائل الجنسية في أثينة معرفة تمنعه أن يجازف بإطلاق الحرية لزوجته أو ابنته، فهو يختار الحرية لنفسه على أن يكون ثمنها عزلة زوجته أو ابنته. ولقد كان في وسعها إذا تحجبت الحجاب اللائق بها، وصحبها من يوثق به، أن تزور أقاربها وأخصاءها، وأن تشترك في الاحتفالات الدينية ومنها مشاهدة التمثيل؛ أما فيما عدا هذا فقد كان ينتظر منها أن تقبع في منزلها، وألا تسمح لأحد أن يراها من النافذة. وكانت تقضي معظم وقتها في جناح النساء القائم في مؤخرة الدار، ولم يكن يسمح لزائر من الرجال أن يدخل فيه، كما لم يكن يسمح لها بالظهور إذا كان مع زوجها زائر.
وكانت وهي في البيت تكرَم وتُطاع في كل ما لا يتعارض مع سلطة زوجها الأبوية. فهي تدبر شئون البيت أو تشرف على تدبيرها؛ وهي تطهو