أن النزعة الديمقراطية، يقويها الحذر الأرستقراطي، كانت تحول بين الأهلين وبين التفاهم والتظاهر، وكان تعود الأثيني قضاء أكثر وقته في الهواء الطلق يصرفه عن أن يكون للبيت نفسه من المعنى ومن الإعزاز ما له في المناطق الباردة. وكان لبيت الأثيني الغني في بعض الأحيان مدخل ذو عمد مواجه للشارع، ولكن هذا كان من المظاهر الشاذة النادرة. كذلك كانت النوافذ ترفاً نادر الوجود، وإذا وجدت اقتصرت على الطابق الأعلى، ولم تكن لها ألواح زجاجية، ولكنها كانت تغلق بمصاريع خشبية، أو تكون مشبكة لتحجب أشعة الشمس. وكان الباب الخارجي يتكون عادة من مصراعين يدوران على محورين ينفذان في إسكفة الباب وعتبته. وكان على أبواب الكثير من بيوت الأغنياء مطرقة معدنية تتخذ في أغلب الأحيان صورة حلقة في فم أسد (١١٧). وكان يمتد من مدخل الدار - إلا في دور الفقراء - ممشى يؤدي إلى فناء مكشوف يسمى الأول Aule يرصف عادة بالحجارة، ويحيط به أحياناً رواق وعمد، وقد يكون في وسطه مذبح أو حوض أو كلاهما، مزدان أحياناً بالعمد، ومرصوفة أرضيته بالفسيفساء. ويدخل أكثر الهواء وضوء الشمس إلى البيت من هذا الفناء، لأن أبواب جميع حجراته تفتح فيه، وكان لا بد لمن يريد الدخول من حجرة إلى حجرة أن يدخل الرواق أو الفناء. وكانت الأسرة تقضي معظم حياتها، وتقوم بأكثر أعمالها، في ظلال الرواق والفناء وخلوتهما.
وكانت الحدائق نادرة في المدينة، وتقتصر على مساحات صغيرة في فناء البيت أو خلفه؛ أما حدائق الريف فكانت أكثر من حدائق المدينة عدداً وأوسع رقعة؛ ولكن قلة الأمطار في الصيف وتكاليف الإرواء قد جعلا الحدائق في أتكا ترفاً لا يستمتع به إلا القليلون. ولم يكن اليوناني العادي مرهف الحس بالطبيعة كروسو Rousseau، وكانت جبال بلاده لا تزال من أسباب متاعبه، ولهذا لم تكن في نظره جذابة جميلة، وإن كان شعراء اليونان