كثير من الكتب واشتهر به كثير من الأبطال، فمن الطهاة اليونان من لا تقل شهرتهم لدينا عن شهرة آخر الأبطال الفائزين في الألعاب الأولمبية. وكان الأثينيون يعدون من يأكل منهم بمفرده جلفاً غير مهذب، وكانت آداب المائدة عندهم دليلاً على ارتقاء الحضارة. وكان الأولاد والنساء يجلسون حول موائد صغيرة، أما الرجال فكانوا يتكئون على آرائك تتسع الواحدة لرجلين. وكانت الأسرة تأكل مجتمعة إذا لم يكن عندها غرباء؛ فإذا كان لديها ضيوف من الرجال انسحبت نساء الأسرة إلى جناح الحريم. وكان الخدم يخلعون نعال الضيوف أو يغسلون لهم أقدامهم قبل أن يتكئوا على الآرائك ويقدمون لهم الماء ليغسلوا به أيديهم، وكانوا في بعض الأحيان يدهنون لهم رؤوسهم بالزيوت المعطرة؛ ولم يكونوا يستخدمون السكاكين أو الشوك، ولكنهم كانوا يستخدمون الملاعق، ويتناولون الطعام اليابس بالأصابع. وكانوا في أثناء الطعام ينظفون أصابعهم بلقيمات من الخبز، ويغسلونها بعدئذ بالماء. وكان الخدم يملئون قدح كل ضيف قبل تناول الحلوى من آنية تحتوي على خمر مخفف بالماء. وكانت الصحاف من الخزف، ثم ظهرت الصحاف الفضية في آخر القرن الخامس، وبدأ المتأنقون في الطعام والشراب يزداد عددهم في القرن الرابع؛ ومن هؤلاء رجل يدعى بيثلس Pithyllus صنع للسانه وأصابعه أغطية يستطيع بها أن يأكل الطعام مهما كانت حرارته (١١٩). وكان منهم بعض من يقتصرون على الخضر، وكان ضيوف هؤلاء يسخرون منهم ويشكون كعادة الضيوف مع أمثالهم. من ذلك قول أحدهم:"إنهُ هرب من وليمة لا تقدم فيها إلا الخضر خشية أن تكون حلواها هي الدريس"(١٢٠).
ولم يكن الشراب أقل شأناً عندهم من الطعام، فكان الغذاء (الديبنون Deipnon) يتلوه الشراب الجماعي Symposion، وكان في إسبارطة وأثينة