أندية للشراب تتوثق العلاقة بين أعضائها توثقاً تصبح معه هذه الأندية أدوات سياسية عظيمة القوة.
وكانت الإجراءات التي تتبع في الولائم كثيرة التعقيد، وكان الفلاسفة أمثال زنوكراتس Xenocrates وأرسطاطاليس يرون أنه يحسن بهم أن يضعوا لها قوانين (١٢١).
وكانت الأرض التي يلقى عليها ما لا يؤكل من الطعام تنظف بعد الانتهاء من تناوله، ويطوف عليهم الخدم بالروائح العطرية والخمر الكثير. ثم يرقص الضيوف إذا شاءوا، ولكنهم لم يكونوا يرقصون أزواجاً أو مع النساء (لأن الرجال وحدهم هم الذين كانوا يدعون عادة إلى الولائم) بل جماعات؛ أو كانوا يلعبون ألعاباً كالكتوموس (١)، أو يتقارضون الشِعر، أو يتبادلون المدح، أو الألغاز، أو يشاهدون ألعاباً يقوم بها رجال محترفون ونساء محترفات، كالبهلوانة التي يحدثنا عنها زنوفون في "مقالاته الدورية" والتي تقذف اثني عشر طوقاً دفعة واحدة ثم ترقص رقصة الانقلاب في الهواء في داخل طوق "أحيط من جميع جوانبه بالسيوف القائمة"(١٢٢). وكان يحدث أحياناً أن تظهر أمام الضيوف بنات يعزفن على القيثارات، ويغنين، ويرقصن، ويغازلن غزلاً دُبر أمره من قبل. وكان الأثينيون المتعلمون يفضلون عن هذا أن يجتمعوا ليتناقشوا نقاشاً ينظمه لهم رئيس منهم يختارونه بقذف النرد. وكان الضيوف يحرصون على ألا ينقسم المجلس إلى طوائف صغيرة لأن معنى هذا الانقسام في العادة أن كل طائفة تتحدث مستقلة، بل كانوا يحرصون على أن يكون الحديث عاماً،
(١) وكانت هذه اللعبة تتكون من قذف السائل من قدح بحيث يصب جسماًً صغيراً على بعد منه.