للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

برهسيوس واقعياً مثل زكسيس. وقد بلغ من الصدق صورة العداء وإتقانها أن الناظرين إليها كانوا يتوقعون أن يروا العرق يتصبب من الصورة، وأن يروا العداء نفسه يسقط من فرط الإعياء. ومن صوره صورة كبرى على جدار، هي صورة أهل أثينة يمثلهم فيها قساة ورحماء، متكبرين وأذلاء، متوحشين وجبناء، متقلبين وكرماء، ويبلغ من أمانته في هذه الصورة أن الجمهور الأثيني - على ما تقول الرواية - أدرك لأول مرة ما في طباعه من تعقيد وتناقض (٢٠).

وأدى التنافس الشديد بينه وبين زكسيس Zeuxis إلى اشتراك الرجلين في مباراة عامة. ذلك أن زكسيس رسم بعض عناقيد العنب رسماً بلغ من إتقانه ومشابهته للعنب الطبيعي أن الطيور حاولت أكله. وأعجب المحكمون أشد الإعجاب بهذه الصورة، ووثق زكسيس من الفوز وثوقاً جعله يأمر برهسيوس أن يزيح الستار الذي يخفي وراءه الصورة التي رسمها الفنان الإفسوسي، فلما تبين أن الستار جزء من الصورة، وأن زكسيس نفسه قد خدع اعترف في غير حقد بهزيمته. ولم يفقد زكسيس بهذا شيئاً من شهرته، فقد اتفق في كرتونا على أن يرسم صورة لهلن توضع في معبد هيرا اللسينية Lacinian Hera، على شريطة أن تقف أمامه عاريات أجمل خمس نساء في المدينة، ليختار من كل واحدة منهن أجمل ما فيها، ثم يجمع مما أخذه منهن صورة ثانية لربة الجمال (٢١). وحييت بنلبي بفضل تصويره حياة جديدة، ولكن أكثر ما كان يعجب به من صُوَره صورة رياضي كتب تحتها يقول إن الناس يجدون نقده أيسر عليهم من مجاراته. وكانت بلاد اليونان كلها تسر من غروره وتتحدث عنه بقدر ما تتحدث عن أي كاتب مسرحي، أو حاكم سياسي، أو قائد حربي. ولم يكن أحد أوسع منه شهرةً إلا المتبارون لنيل الجوائز الرياضية.